١٥٧١ - / ١٩١٢ - وَفِي الحَدِيث السَّادِس وَالسِّتِّينَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره، وَغُلَام أسود يُقَال لَهُ أَنْجَشَة يَحْدُو، وَكَانَ حسن الصَّوْت، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((وَيحك يَا أَنْجَشَة، رويدك سوقك بِالْقَوَارِيرِ)) قَالَ أَبُو قلَابَة: يَعْنِي النِّسَاء.
فِي تَفْسِير هَذَا الحَدِيث قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن الْإِبِل: كَانَت كلما سَمِعت الحداء أسرعت، وإسراع السّير يشق على الرَّاكِب خُصُوصا النِّسَاء، فشبههن بِالْقَوَارِيرِ لضعف بنيتهن.
وَالثَّانِي: أَن أَنْجَشَة كَانَ حسن الصَّوْت، وَحسن الصَّوْت بالحداء يشبه الْغناء المحرك للطبع إِلَى الْهوى، وتأثير ذَلِك فِي النِّسَاء أسْرع من تَأْثِيره فِي الرِّجَال، وَهَذَا القَوْل قد ذكره جمَاعَة من الْعلمَاء مِنْهُم ابْن قُتَيْبَة والخطابي، وَكَانَ شَيخنَا أَبُو الْفضل بن نَاصِر يُنكره وَيَقُول: أَو يُقَال هَذَا فِي حق أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فأجبته أَنا فَقلت: هَذَا الَّذِي يُنكره لَيْسَ بمنكر، لِأَنَّك تتوهم أَن الَّذِي فسر بِهَذَا إِنَّمَا أَرَادَ ذكر الْفَاحِشَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا أَرَادَ ميل الطباع إِلَى تذكر الْهوى وَإِن كَانَ مُبَاحا، فَإِن الْغناء يحث على حب الدُّنْيَا، وَيذكر الشَّهَوَات، ويشغل الْقلب عَن وظائفه من الْفِكر وَالذكر، وَأَزْوَاج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسن بمعصومات من وساوس الشَّيْطَان وحثه على حب الدُّنْيَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute