حَدثنَا الصُّورِي قَالَ: سَمِعت رَجَاء بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْمعدل يَقُول: سَأَلت الدَّارَقُطْنِيّ فَقلت لَهُ: رأى الشَّيْخ مثل نَفسه؟ فَقَالَ: إِن كَانَ فِي فن وَاحِد فقد رَأَيْت من هُوَ أفضل مني، وَأما من اجْتمع فِيهِ مَا اجْتمع فِي فَلَا. ثمَّ إِن الرغبات فترت فِي الْعلم، فَصَارَ صَاحب الحَدِيث يقْتَصر على مَا علا إِسْنَاده ويعرض عَن الْفِقْه، فَلَو وَقعت مَسْأَلَة فِي الطَّهَارَة لم يهتد لجوابها، وَصَارَ الْفَقِيه يقْتَصر على مَا كتب فِي التعليقة وَلَا يدْرِي هَل الحَدِيث الَّذِي بنى عَلَيْهِ الحكم صَحِيح أم لَا، وَصَارَ اللّغَوِيّ يشْتَغل بِحِفْظ أَلْفَاظ الْعَرَب وَلَا يلْتَفت إِلَى الْفِقْه، فَهَذَا رفع الْعلم. ثمَّ لَهُ رفع من حَيْثُ الْمَعْنى: وَهُوَ أَنا إِذا وجدنَا الْعَالم المتقن قد مَال إِلَى الدُّنْيَا وتشاغل بِخِدْمَة السلاطين، والتردد إِلَيْهِم غير آمُر بِالْمَعْرُوفِ وَلَا ناه لَهُم عَن مُنكر، وانعكف على اللَّذَّات، وَرُبمَا مزجها بِحرَام كلبس الْحَرِير، لم يبْق لعلمه نور عِنْد المقتبس، فَصَارَ كالطبيب المخلط، لَا يكَاد يقبل قَوْله فِي الحمية، فَمَاتَ الْعلم عِنْده وَهُوَ مَوْجُود، نسْأَل الله عز وَجل عزما مجدا لَا فتور فِيهِ، وَعَملا خَالِصا لَا رِيَاء مَعَه.
١٥٧٧ - / ١٩١٨ - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي وَالسبْعين: ((إِن أحدكُم إِذا قَامَ فِي صلَاته فَإِنَّمَا يُنَاجِي ربه)) .
الْمُنَاجَاة: المحادثة، وَأَصله من النجوة: وَهُوَ مَا ارْتَفع من الأَرْض، فَكَأَن المناجي يرْتَفع هُوَ والمناجي منفردين عَن غَيرهمَا.
وَاعْلَم أَن وقُوف الْآدَمِيّ فِي الْعِبَادَة على نَحْو وقُوف الْخَادِم بَين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute