قَالُوا: وَيدل على هَذَا قَوْله: لم أسمع أحدا مِنْهُم يجْهر بهَا، وَهَذَا دَلِيل على أَنه سَمعهَا مِنْهُم.
فَالْجَوَاب: أَنه لَو قصد تَعْرِيفهَا لذكرها بِأحد الْأَسْمَاء الْمَوْضُوعَة لَهَا، كالفاتحة وَأم الْقُرْآن. ثمَّ قَوْله: لَا يذكرُونَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} يَكْفِي فِي رد هَذَا التَّأْوِيل، وَفِي رد قَوْلهم: مَا كَانُوا يجهرون بهَا كجهرهم بِبَقِيَّة السُّورَة. وَقَوْلهمْ: شَهَادَة على نفي. قُلْنَا: هِيَ فِي معنى الْإِثْبَات؛ لِأَن أنسا قد صلى خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر سِنِين، وَمَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن عشْرين سنة، وَكَانَ يَصْحَبهُ صُحْبَة الخدم الْخَواص سفرا وحضرا، فَلَو سَمعه يَوْمًا يجْهر لم يَصح لَهُ أَن يُطلق الْإِخْبَار بِنَفْي الْجَهْر. ثمَّ قدرُوا توهم هَذَا فِي حق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَكيف وَهُوَ رجل فِي زمن أبي بكر وَعمر، وكهل فِي زمن عُثْمَان. وَقد احْتَجُّوا لنصرة الْجَهْر بِأَحَادِيث دخلت فِيهَا العصبية من رواتها ومصنفيها، حَتَّى احْتَجُّوا بِمَا يعلمُونَ أَنه لَا يَصح الإحتجاج بِهِ.