للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصدمة الأولى: فَجْأَة الْمُصِيبَة. والصدم: ضرب الشَّيْء الشَّديد بِمثلِهِ. وتصادم الرّجلَانِ: تدافعا بعنف. وَمعنى الحَدِيث: أَن الصَّبْر الَّذِي هُوَ صَبر حَقِيقَة الَّذِي بِهِ يعظم الْأجر عِنْد الصدمة الأولى. وَلَفْظَة ((إِنَّمَا)) قد شرحناها فِي مُسْند عمر عِنْد قَوْله: ((إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ)) .

وَهَذَا لِأَن مُرُور الزَّمَان يهون المصائب، لِأَن النسْيَان يطْرَأ، وَعمل الْقُوَّة الفكرية ينْصَرف عَمَّا تقادم عَهده إِلَى غَيره فَيَقَع الصَّبْر من غير تكلّف، وَإِنَّمَا الْقُوَّة فِي مُقَابلَة الْبلَاء عِنْد مبدأه، وَلَا يقدر على الصَّبْر حِينَئِذٍ إِلَّا أحد رجلَيْنِ: مُؤمن بِالْأَجْرِ فَهُوَ يصبر لنيل مَا يرجوه، أَو نَاظر بِعَين الْعقل إِلَى أَن الْجزع لَا فَائِدَة فِيهِ، قَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام للأشعث بن قيس: إِنَّك إِن صبرت إِيمَانًا واحتسابا، وَإِلَّا سلوت كَمَا تسلو الْبَهَائِم. وأنشدوا:

(يمثل ذُو اللب فِي نَفسه ... مصائبه قبل أَن تنزلا)

(فَإِن نزلت بَغْتَة لم ترعه ... لما كَانَ فِي نَفسه مثلا)

(رأى الْأَمر يُفْضِي إِلَى آخر ... فصير آخِره أَولا)

(وَذُو الْجَهْل يَأْمَن أَيَّامه ... وينسى مصَارِع من قد خلا)

(وَإِن بدهته صروف الزَّمَان ... بِبَعْض مصائبه أعولا)

(وَلَو قدم الحزم فِي أمره ... لعلمه الصَّبْر حسن البلا)

<<  <  ج: ص:  >  >>