للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ((إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَا يخضبون فخالفوهم)) . وَقد روينَا من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((اختضبوا، فَإِن الْمَلَائِكَة يستبشرون بخضاب الْمُؤمن)) . قَالَ صَالح بن أَحْمد بن حَنْبَل: لما مرض أبي دخل عَلَيْهِ رجل من جيراننا قد خضب فَقَالَ: إِنِّي لأرى الرجل يحيي شَيْئا من السّنة فَأَفْرَح بِهِ. وَقَالَ الْمروزِي: دخل على أبي عبد الله شيخ مخضوب فَقَالَ: إِنِّي لأسر أَن أرى الشَّيْخ قد خضب. فَهَذِهِ فَائِدَة من جِهَة مُوَافقَة الشَّرْع.

والفائدة الثَّانِيَة: تخْتَص الْمَرْأَة، وَالنِّسَاء يُكْرهن الشيب جدا، فَإِذا غير كَانَ أقرب حَالا عِنْدهن وَأصْلح لمعاشرتهن.

والفائدة الثَّالِثَة: تخْتَص بِالرجلِ وَهُوَ أَن الشيب يُؤثر فِيهِ صُورَة وَمعنى، فَأَما الصُّورَة فيشينه، وَلِهَذَا قَالَ أنس فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا شانه الله ببيضاء. فَقيل لَهُ: أَو شين هُوَ؟ فَقَالَ: كلكُمْ يكرههُ. وَأما فِي الْمَعْنى فَإِنَّهُ يضعف الأمل، وَيقطع الْقلب، لعلم الْإِنْسَان بِقرب الْأَجَل.

وَرُبمَا قَالَ قَائِل: فَنحْن إِنَّمَا ندور على مَا يقصر الأمل وَيذكر بِالآخِرَة، فَكيف نشرع فِيمَا ينسينا؟ فَالْجَوَاب: أَن النَّاس فِي هَذَا يَخْتَلِفُونَ، فَمنهمْ الشَّديد الْغَفْلَة عَن الْآخِرَة فَيحْتَاج إِلَى الموقظات،

<<  <  ج: ص:  >  >>