أَحدهَا: أَنه تَحْسِين الصَّوْت بِهِ، روى أَبُو دَاوُد فِي ((سنَنه)) عَن ابْن أبي مليكَة أَنه سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث، فَقيل لَهُ: أَرَأَيْت إِن لم يكن حسن الصَّوْت؟ فَقَالَ: ((يُحسنهُ مَا اسْتَطَاعَ)) وَالثَّانِي: أَن الْمَعْنى: يَسْتَغْنِي بِهِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن وَكِيع وَابْن عُيَيْنَة، وَقد روى أَنهم دخلُوا على سعد وَعِنْده مَتَاع رث، فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ)) فَهَذَا دَلِيل على أَنه الإستغناء. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: من قَرَأَ آل عمرَان فَهُوَ غَنِي. قَالَ أَبُو عبيد: وَلَو كَانَ المُرَاد بِهِ تَرْجِيع الْقِرَاءَة لَكَانَ من لم يفعل ذَلِك فَلَيْسَ من النَّبِي، قَالَ: وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ جَائِز فِي كَلَام الْعَرَب أَن يَقُولُوا: تَغَنَّيْت تغَنِّيا، وَتَغَانَيْت تَغَانِيًا: بِمَعْنى اسْتَغْنَيْت، قَالَ الْأَعْشَى:
(وَكنت امْرأ زَمنا بالعراق ... عفيف المناخ طَوِيل التغن)
يُرِيد الإستغناء. وَقَالَ الْمُغيرَة بن حبناء يُعَاتب أَخَاهُ:
(كِلَانَا غَنِي عَن أَخِيه حَيَاته ... وَنحن إِذا متْنا أَشد تَغَانِيًا)
فعلى هَذَا يكون الْمَعْنى: من لم يسْتَغْن بِالْقُرْآنِ عَن الْإِكْثَار من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute