وَقَوله: ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ. احْتج بعض أَصْحَابنَا بقوله: وَمسح بِرَأْسِهِ، وَلم يقل ثَلَاثًا كَمَا قَالَ فِي المغسولات، على أَن تكْرَار الْمسْح لَا يسن، وَفِيه عَن أَحْمد رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهمَا: يسن ثَلَاثًا، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. وَالثَّانيَِة: لَا يسن، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمَالك، وَالْأولَى أصح؛ فَإِنَّهُ قد روى مُسلم من حَدِيث عُثْمَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث حمْرَان وشقيق عَن عُثْمَان أَنه وصف وضوء رَسُول الله: فَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث حمْرَان وشقيق وَعبد الله بن جَعْفَر وَابْن دارة مولى عُثْمَان وَابْن الْبَيْلَمَانِي عَن أَبِيه، كلهم عَن عُثْمَان: أَنه حكى وضوء رَسُول الله: وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا.
وَالْأَخْذ بِهَذِهِ الزِّيَادَة وَهَذَا الْبَيَان أولى من الْأَخْذ بِأَمْر مُحْتَمل؛ لِأَن من لم يذكر فِي الْمسْح عددا يحْتَمل أَنه لم يحفظ الْعدَد، وَيحْتَمل أَن يكون أحَال بِهِ على الْعدَد الْمُتَقَدّم. ثمَّ لَو ثَبت أَنه مسح مرّة كَانَ ذَلِك لبَيَان الْإِجْزَاء. وَمَا رُوِيَ عَنهُ من التّكْرَار لَا يجوز أَن يُرِيد بِهِ الْإِجْزَاء لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: أَن الْإِجْزَاء يَقع بِدُونِهِ.
وَالثَّانِي: أَن الْإِجْزَاء قرين التقليل، فَثَبت أَنه للفضيلة.
وَقَوله: لم يحدث فِيهَا نَفسه: يُرِيد بِهِ حُضُور الْقلب فِي الصَّلَاة، واشتغال الْمصلى بتدبر التِّلَاوَة والخشوع.
وَقَوله: كَانَت صلَاته ومشيه إِلَى الْمَسْجِد نَافِلَة. أَي أَن الغفران قد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute