وَهَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وسع الْإِنْسَان سوى الِاجْتِهَاد، فَمَا خلا الْمُجْتَهد من أجر.
فَإِن قيل: فقد تساوى الِاجْتِهَاد فِي مَوضِع الْإِصَابَة وَمَوْضِع الْخَطَأ، فَلم ضوعف الْأجر هُنَاكَ؟ فَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن الْمُخطئ وَإِن كَانَ مُجْتَهدا فَفِي اجْتِهَاده تَقْصِير، فَلَو أمعن فِي طلب الْأَدِلَّة لوقع بِالصَّوَابِ، فقصر فِي أجره لتَقْصِيره فِي الطّلب. وَالثَّانِي: أَن الْمُصِيب موفق، والموفق مصطفى، فضوعف لَهُ الْأجر لمَكَان اصطفائه، كَمَا ضوعف الْأجر لهَذِهِ الْأمة دون سَائِر الْأُمَم.
٢٣٠٥ - / ٢٩٢٣ - وَفِي الحَدِيث الأول من أَفْرَاد مُسلم:
" فصل مَا بَين صيامنا وَصِيَام أهل الْكتاب أَكلَة السحر ".
اعْلَم أَن الْأكل فِي ليَالِي الصَّوْم كَانَ مُبَاحا لأهل الْكتاب مَا لم يَنَامُوا، فَإِذا نَامُوا حرم عَلَيْهِم، وَكَذَلِكَ كَانَ فِي أول الْإِسْلَام حَتَّى نزل قَوْله تَعَالَى: {وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض} [الْبَقَرَة: ١٨٧] وَقد سبق شرح هَذَا. فندب الشَّرْع إِلَى السّحُور لسِتَّة أوجه:
أَحدهَا: اسْتِعْمَال رخصَة الشَّرْع فِي قَوْله: {وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود من الْفجْر} ، وَفِي الحَدِيث: " إِن الله تَعَالَى يحب أَن يُؤْخَذ بِرُخصِهِ كَمَا يحب أَن يُؤْخَذ بِعَزَائِمِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute