هَذَا الحَدِيث قد نبه على حسن المعاشرة للزَّوْجَة باتخاذ فرَاش لَهَا وفراش لزَوجهَا، وَذَلِكَ ضد مَا أكبر الْعَوام عَلَيْهِ من النّوم إِلَى جَانب الزَّوْجَة؛ فَإِن النّوم قد يحدث فِيهِ حوادث يكرهها أَحدهمَا من الآخر، وَلَا يَنْبَغِي أَن يجتمعا إِلَّا على أحسن حَال لتدوم الْمحبَّة؛ فَإِن ظُهُور الْعُيُوب تسلي عَن المحبوب، وَيَنْبَغِي أَن يكون الْفراش قَرِيبا من الآخر ليجتمعا إِذا أَرَادَا وينفصلا إِذا شاءا.
وَقد نبه على هَذَا مَا تقدم فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه ... "، وعَلى هَذَا جُمْهُور الْمُلُوك والحكماء. وَمَتى كَانَت الْمَرْأَة عَاقِلَة احترزت أَن يرى الرجل مِنْهَا مَكْرُوها، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي للرجل أَن يحْتَرز. قَالَ ابْن عَبَّاس: إِنِّي لأحب أَن أتزين للْمَرْأَة كَمَا تتزين لي، وَقَالَت بدوية لابنتها حِين أَرَادَت زفافها: لَا يطلعن مِنْك على قَبِيح، وَلَا يشمن إِلَّا طيب ريح.