وَالثَّانِي: أَنه غرور، وَلَا يجوز على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْمر بغرور أحد، قَالَه يحيى بن أَكْثَم.
وَقَول من قَالَ: انْفَرد بِهِ مَالك، غلط؛ فَإِنَّهُ قد تَابعه جرير بن عبد الحميد وَحَمَّاد بن أُسَامَة، وَفَسرهُ الْمُزنِيّ فَقَالَ: اشترطي لَهُم: أَي عَلَيْهِم، كَقَوْلِه تَعَالَى:{وَلَهُم اللَّعْنَة}[غَافِر: ٥٢] .
وَالَّذِي عِنْدِي فِي هَذَا ثَلَاثَة أَشْيَاء:
أَن يكون هَذَا اللَّفْظ من رِوَايَة بعض الروَاة بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّهَا قَالَت: إِنَّهُم يشترطون الْوَلَاء فَقَالَ: خذيها، ظن الرَّاوِي أَن الْمَعْنى خذيها واشترطي لَهُم الْوَلَاء، فَذكره بِالْمَعْنَى فغلط.
وَالثَّانِي: أَنهم لما كَانُوا جاهلين بِالشَّرْعِ لم يعبأ باشتراطهم فتركهم يشترطون ليَكُون نَهْيه على الْمِنْبَر عَن أَمر قد جرى فَيكون أبلغ، من جنس قَوْله تَعَالَى:{قَالَ لَهُم مُوسَى ألقوا}[يُونُس: ٨٠] .
وَالثَّالِث: أَنه مَحْمُول على أَن الْقَوْم قد علمُوا قبل هَذَا أَن الْوَلَاء لمن أعتق ثمَّ أَرَادوا اشْتِرَاطه فَجعل نقض مَا اشترطوه أبلغ فِي عقوبتهم.
وَقد روى أَبُو بكر الْأَثْرَم قَالَ: سَأَلت أَحْمد بن حَنْبَل عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: قد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرهُم أَن الْوَلَاء لمن أعتق، فَلَمَّا لم يقبلُوا سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعمِلُوا بِخِلَاف مَا أَمرهم واشترطوا شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله عز وَجل وَلَا سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة:" اشترطي لَهُم الْوَلَاء " أَي لَيْسَ ذَلِك لَهُم وَلَا يجب عَلَيْك.
وَقَوله:" شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله " لم يرد أَن الشُّرُوط مَنْصُوص عَلَيْهَا فِي الْقُرْآن، وَإِنَّمَا أَشَارَ بِالْكتاب إِلَى حكم الله عز وَجل، وَمن