وَقَوله:" لقد خشيت على نَفسِي " كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخَاف فِي بداية الْأَمر أَن يكون مَا يرَاهُ من قبل الشَّيْطَان، لِأَن الْبَاطِل قد يلتبس بِالْحَقِّ، وَمَا زَالَ يستقري الدَّلَائِل وَيسْأل الْآيَات إِلَى أَن وضح لَهُ الصَّوَاب. وكما أَن أَحَدنَا يجب عَلَيْهِ أَن يسبر صدق الْمُرْسل إِلَيْهِ وَينظر فِي دَلَائِل صدقه من المعجزات، فَكَذَلِك الرُّسُل يجب عَلَيْهَا أَن تسبر حَال الْمُرْسل إِلَيْهَا، هَل هُوَ ملك أَو شَيْطَان؟ فاجتهادها فِي تَمْيِيز الْحق من الْبَاطِل أعظم من اجتهادنا، وَلذَلِك علت منَازِل الْأَنْبِيَاء لعظم مَا ابتلوا بِهِ من ذَلِك.
وَكَانَ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بدايته قد نفر من جِبْرِيل وَنسب الْحَال إِلَى الْأَمر الْمخوف، وَقَالَ لِخَدِيجَة:" قد خشيت على نَفسِي " إِلَى أَن بَان لَهُ أَن الْأَمر حق، ثمَّ استظهر بِزِيَادَة الْأَدِلَّة حَتَّى تحقق لَهُ الْيَقِين.