وَهَذَا إِنَّمَا قَالَه على حكم الْمَدِينَة، فَإِن الطَّعَام كَانَ عِنْدهم قَلِيلا، إِنَّمَا كَانُوا يشبعون من التَّمْر.
٢٦٣١ - / ٣٣٨٨ - وَفِي الحَدِيث السَّابِع عشر: " المتشبع بِمَا لم يُعْط كلابس ثوبي زور ".
قَالَ أَبُو عبيد " المتشبع: هُوَ المتزين بِأَكْثَرَ مِمَّا عِنْده يتكثر بِالْبَاطِلِ ويتزين بِهِ، كَالْمَرْأَةِ يكون لَهَا ضرَّة فتشبع بِمَا تَدعِي من الخطوة عِنْد زَوجهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا عِنْده، تُرِيدُ بذلك غيظ صاحبتها وَإِدْخَال الْأَذَى عَلَيْهَا.
وَقَوله: " كلابس ثوبي زور " فِيهِ ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: أَنه الرجل يلبس الثِّيَاب تشبه ثِيَاب أهل الزّهْد فِي الدُّنْيَا، يُرِيد بذلك النَّاس، وَيظْهر من التخشغ والتقشف أَكثر مِمَّا فِي قلبه مِنْهُ، فَهَذِهِ ثِيَاب الزُّور والرياء. وَالثَّانِي: أَن يكون أَرَادَ بالثياب الْأَنْفس، وَالْعرب تفعل ذَلِك كثيرا، تَقول: فلَان نقي الثِّيَاب: إِذا كَانَ بَرِيئًا من الدنس والآثام، وضده: فلَان دنس الثِّيَاب، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
(ثِيَاب بني عَوْف طهارى نقية ... وأوجههم بيض الْمُسَافِر غران)
يُرِيد بثيابهم أنفسهم. وَقَالَ الآخر يذم رجلا:
(لَا هم إِن عَامر بن جهم ... أوذم حجا فِي ثِيَاب دسم)
أوذم بِمَعْنى أوجب، وَأَرَادَ أَنه حج وَهُوَ متدنس بِالذنُوبِ، ذكر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute