تَقْصِير، فَرَأَوْا ذَلِك الْجَزَاء الباهر أَحبُّوا أَن يعادوا فيسلموا نفوسا مطهرة بِالشَّهَادَةِ من كل دنس، ليتضاعف الْجَزَاء، فمنعوا ذَلِك؛ لِأَن التَّسْلِيم الأول كَانَ على وَجه الْإِيمَان بِالْغَيْبِ، وَالثَّانِي لَو كَانَ عَن عيان، وَالْعِبَادَة بِالْغَيْبِ هِيَ الْمَطْلُوبَة لامع العيان، فَكَانَت الْفَائِدَة لَهُم فِي جَرَيَان هَذِه الْحَال أَن يسْأَلُوا غير هَذَا الْفَنّ، وَكَانَت الْفَائِدَة لمن بلغته الْحَال أَن يجد ويجتهد فِي تَزْكِيَة نَفسه ليسلم نفسا زاكية إِذْ لَا سَبِيل إِلَى الْعود.
٢٧٤ - / ٣٢٧ - وَفِي الحَدِيث الثَّامِن عشر: أَن أَمِيرا كَانَ بِمَكَّة يسلم تسليمتين، فَقَالَ عبد الله: أَنى علقها؟ إِن رَسُول الله كَانَ يَفْعَله.
أَنى تكون بِمَعْنى من أَيْن، والمعنيان يتقاربان، يجوز أَن يتَأَوَّل فِي كل وَاحِد مِنْهَا الآخر، وَقد جمع الْكُمَيْت بَين اللفظتين فَقَالَ:
(أَنى وَمن أَيْن آبك الطَّرب ... من حَيْثُ لَا صبوة وَلَا ريب)
وَمعنى علقها: علق بهَا.
وَقد دلّ ظَاهر هَذَا الحَدِيث على وجوب التسليمتين، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ من مُسْند سعد.
٢٧٥ - / ٣٢٨ - وَفِي الحَدِيث التَّاسِع عشر: " وَمَا تَعدونَ الرقوب فِيكُم؟ " قُلْنَا: الَّذِي لَا يُولد لَهُ. قَالَ: " لَيْسَ ذَاك بالرقوب، وَلكنه الرجل الَّذِي لم يقدم من وَلَده شَيْئا ". قَالَ: " فَمَا تَعدونَ الصرعة فِيكُم؟ " قُلْنَا: الَّذِي لَا تصرعه الرِّجَال. قَالَ: " لَيْسَ بذلك، وَلكنه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute