٥٥٧ - / ٦٧٢ وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: " الذَّهَب بِالذَّهَب، وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ، وَالْبر بِالْبرِّ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ، وَالْملح بالملح، مثلا بِمثل، سَوَاء بِسَوَاء، يدا بيد، فَإِذا اخْتلفت هَذِه الْأَصْنَاف فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد ". [١٥] اتّفق الْعلمَاء على أَن التَّفَاضُل فِي بيع هَذِه الْأَعْيَان السِّتَّة الَّتِي نَص عَلَيْهَا رَبًّا، وَاخْتلفُوا: هَل جرى فِيهَا الرِّبَا لأعيانها أَو لعلل تعلّقت بهَا؟ فَقَالَ دَاوُد: لأعيانها، وَقَالَ عَامَّة الْفُقَهَاء: لعلل تعلّقت بهَا. فَأَما الذَّهَب وَالْفِضَّة فالعلة عندنَا فِي تَحْرِيم الرِّبَا فيهمَا الْوَزْن، وَبِهَذَا تعدت الْعلَّة إِلَى كل مَوْزُون. وَأما الْأَعْيَان الْأَرْبَعَة فالعلة فِي تَحْرِيم الرِّبَا فِي الْجِنْس مِنْهَا الْكَيْل، وَبِذَلِك يتَعَدَّى الحكم إِلَى غَيرهمَا، نَص عَلَيْهِ أَحْمد، وَهُوَ الْمَنْصُور عندنَا، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة. فعلى هَذَا تكون الْعلَّة مركبة من وصفين: الْكَيْل، وَالْجِنْس. وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ: أَحدهمَا أَن الْعلَّة فيهمَا الطّعْم، وَهُوَ الْجَدِيد من قَوْله الْمَنْصُور عِنْد أَصْحَابه، وَهُوَ الرِّوَايَة الثَّانِيَة عَن أَحْمد، فعلى هَذَا تكون الْعلَّة الطّعْم، وَالْجِنْس مَحل وَشرط وَلَيْسَ بعلة، وَالْقَوْل الثَّانِي للشَّافِعِيّ أَن الْعلَّة الْكَيْل والطعم إِذا اجْتمعَا، وَهَذَا قَوْله الْقَدِيم وَهُوَ الرِّوَايَة الثَّالِثَة عَن أَحْمد. وَقَالَ مَالك: الْعلَّة كَونه قوتا أَو مصلحا للقوت. [١٥] وَقَوله: " إِذا اخْتلفت هَذِه الْأَصْنَاف فبيعوا كَيفَ شِئْتُم " دَلِيل على أَنه يجوز بيع الذَّهَب بِالْفِضَّةِ، وَالْبر بِالشَّعِيرِ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ. وَقَالَ مَالك: الْبر وَالشعِير جنس وَاحِد، وَعلل بِأَن الْبر لَا يَخْلُو من الشّعير، والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ، وَمَا يتضمنه الْبر من الشّعير لَا يعْتَبر بِهِ، وَلَو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute