الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فقد لقيت السُّنَّة من علماء الإسلام عنايةً حيرت المخالف والموافق، تجد الحديث عنها مسطورًا في عدد من المصنفات التي يممت شطر الموضوع عرضًا أو قصدًا؛ كـ "تقييد العلم"، و"الجامع، لأخلاق الراوي وآداب السامع"؛ كلاهما للخطيب البغدادي، و"الإلماع، في أصول الرواية وتقييد السماع" للقاضي عياض، و"أدب الإملاء والاستملاء" للسمعاني، و"السنة قبل التدوين" للدكتور محمد عجاج الخطيب، و"تدوين السنة" للدكتور بن مطر الزهراني، و"السنة ومكانتها في التشريع" للدكتور مصطفى السباعي، و"دراسات في الحديث النبوي" للدكتور محمد مصطفى الأعظمي، وغيرها كثير.
فالواجب على أهل الإسلام مواصلة ما بدأه أسلافهم من العناية بالسنة وما صُنِّف فيها، ومن ذلك: ما انتهجوه من التصنيف في استدراك الأسقاط، وتصحيح الأغلاط، وتعقب الأوهام، ونحو ذلك من أنواع الاستدراك والتعقب؛ مثل "الأوهام التي في مدخل أبي عبد الله الحاكم" لعبد الغني بن سعيد الأزدي، و"تهذيب مستمر الأوهام" لابن ماكولا، و"الاستدراك" لابن نقطة، و"بيان الوهم والإيهام" لابن القطان، و"تقييد المهمل، وتمييز المشكل" للجيّاني، وغيرها.
وفي العصر الحديث أنعم الله على الناس بنعمة الطباعة التي يستنسخ بها من الكتاب الواحد الكثير من النسخ.
لكن دفع الكتاب لهذه المطابع يتطلب جهدًا يسبقه؛ من جمع نسخ الكتاب، والمفاضلة بينها، واختيار منهج اختيار ما يُختَلَفُ فيه منها ... ، وغير ذلك مما عُرف بـ (التحقيق).
ويُعدّ كتاب "المعجم الأوسط" للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت ٣٦٠ هـ) من أمهات الكتب، وأهميته لا تخفى على أهل العلم كافة، وعلماء الحديث خاصة، وقد طبع ثلاث طبعات؛ إحداها بتحقيق د. محمود الطحان، والثانية بتحقيق الشيخين: طارق عوض الله، وعبد المحسن الحسيني، والثالثة بتحقيق الشيخين: أيمن صالح شعبان، وسيد أحمد