الِاقْتِدَاء إِذا لم تزد الْمسَافَة على ثلثمِائة ذِرَاع وَتعْتَبر الْمسَافَة من آخر الْمَسْجِد على الْأَصَح لِأَن الْمَسْجِد مَبْنِيّ للصَّلَاة فَلَا يدْخل فِي الْحَد الْفَاصِل وصورت الْمَسْأَلَة فِي أصل الرَّوْضَة بِأَن يقف الْمَأْمُوم فِي موَات مُتَّصِل بِالْمَسْجِدِ وصورها فِي الْمِنْهَاج بالموات وَلم يشْتَرط الِاتِّصَال وعَلى عدم الِاشْتِرَاط جرى ابْن الرّفْعَة قَالَ النَّوَوِيّ فِي أصل الرَّوْضَة وَلَو وقف الْمَأْمُوم فِي شَارِع مُتَّصِل بِالْمَسْجِدِ فَهُوَ كالموات على الصَّحِيح وَلَو كَانَ الفضاء الَّذِي وقف فِيهِ الْمَأْمُوم مُتَّصِلا بِالْمَسْجِدِ وَهُوَ مَمْلُوك فَهَل حكمه حكم الْموَات أم لَا نقل فِي الرَّوْضَة عَن الْبَغَوِيّ أَنه لَا يَصح الِاقْتِدَاء حَتَّى تتصل الصُّفُوف وَكَذَا لَو وقف على سطح مَمْلُوك مُتَّصِل بسطح الْمَسْجِد لَا يَصح الِاقْتِدَاء بِهِ حَتَّى تتصل الصُّفُوف بِأَن لَا يبْقى بَين الواقفين مَوضِع يسع وَاقِفًا كَمَا لَو كَانَ فِي دَار مَمْلُوكَة مُتَّصِلَة بِالْمَسْجِدِ يشْتَرط الِاتِّصَال بِأَن يقف وَاحِد فِي آخر الْمَسْجِد مُتَّصِلا بِعتبَة الدَّار وَآخر فِي الدَّار مُتَّصِل بالعتبة بِحَيْثُ لَا يكون بَينهمَا موقف رجل قَالَ فِي أصل الرَّوْضَة وَمَا ذكره فِي الدَّار فَهُوَ صَحِيح وَأما مَا ذكره فِي الفضاء فمشكل وَيَنْبَغِي أَن يكون كالموات هَذَا كُله إِذا لم يكن حَائِل فَإِن كَانَ لِلْمَسْجِدِ جِدَار نظر إِن كَانَ لَهُ بَاب مَفْتُوح ووقف مُقَابِله جَازَ حَتَّى لَو اتَّصل صف بالمحاذي وَخَرجُوا عَن الْمُحَاذَاة جَازَ وَإِن لم يكن فِي الْجِدَار بَاب أَو كَانَ وَلم يقف بحذائه فَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَنه لَا يَصح الِاقْتِدَاء بِهِ وَإِن كَانَ الْحَائِل غير جِدَار الْمَسْجِد لم يَصح الِاقْتِدَاء بِلَا خلاف وَلَو كَانَ بَاب الْمَسْجِد مغلقاً أَي مُسكرا إِمَّا بسكره ويعبر عَنْهَا بالضبة فِي بعض الْبِلَاد أَو بغال أَو قفل وَنَحْو ذَلِك فَحكمه حكم الْجِدَار فَلَا يَصح الِاقْتِدَاء على الصَّحِيح وَإِن كَانَ بَاب الْمَسْجِد مردوداً فَقَط أَو كَانَ بَينهمَا شباك وَالْمَأْمُوم يعلم انتقالات الامام فَوَجْهَانِ الْأَصَح لَا يَصح الِاقْتِدَاء لِأَن الْبَاب يمْنَع الْمُشَاهدَة والشباك يمْنَع الاستطراق نعم قَالَ الْبَغَوِيّ لَو كَانَ الْبَاب مَفْتُوحًا حَالَة التَّحَرُّم بِالصَّلَاةِ فانغلق فِي أثْنَاء الصَّلَاة لم يضر كَذَا ذكره فِي فَتَاوِيهِ وَالله أعلم
الْحَالة الثَّالِثَة أَن يكون الامام وَالْمَأْمُوم فِي غير الْمَسْجِد فَتَارَة يكونَانِ فِي الفضاء وَتارَة يكونَانِ فِي غير فضاء
الضَّرْب الأول أَن يَكُونَا فِي الفضاء فَيجوز الِاقْتِدَاء بِشَرْط أَن لَا يزِيد مَا بَينهمَا على ثلثوائة ذِرَاع تَقْرِيبًا فِي الْأَصَح لِأَن الواقفين فِي الفضاء هَكَذَا يعدَّانِ فِي الْعَادة مُجْتَمعين وَلِأَن صَوت الامام عِنْد الْجَهْر الْمُعْتَاد يبلغ الْمَأْمُوم غَالِبا فِي هَذِه الْمسَافَة فَلَو تلاحقت الصُّفُوف فالاعتبار بالصف الْأَخير على الصَّحِيح وَقيل بالامام وَاعْلَم أَنه لَا فرق فِي ذَلِك بَين الفضاء الْموَات أَو الْمَمْلُوك أَو الْمَوْقُوف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute