إِذا صَحَّ الصَّوْم بِشُرُوطِهِ وأركانه فلبطلانه أَسبَاب مِنْهَا إِدْخَال عين من الظَّاهِر إِلَى الْجوف وَأَرَادَ الشَّيْخ بالجوف الْبَطن وَلِهَذَا ذكره مُعَرفا فَلهَذَا سَاغَ لَهُ بعد ذَلِك ذكر الرَّأْس والحقنه الْقَيْء عَامِدًا فَإِنَّهُ مُبْطل وَفِيه احْتِرَاز عَن غير الْعَامِد وَقد مر دَلِيله وَمِنْهَا الْوَطْء فِي الْفرج كَمَا تقدم وَكَذَا الْإِنْزَال يَعْنِي خُرُوج الْمَنِيّ بِالْإِجْمَاع وَقَوله عَن مُبَاشرَة يَعْنِي سَوَاء كَانَ حَرَامًا كإخراجه بِيَدِهِ أَو غير محرم كإخراجه بيد زَوجته أَو جَارِيَته كَذَا قَالَه بعض الشُّرَّاح وَجه الْإِفْطَار أَن الْمَقْصُود الْأَعْظَم من الْجِمَاع الْإِنْزَال فَإِذا حرم الْجِمَاع وَأفْطر بِلَا إِنْزَال كَانَ الْإِنْزَال أولى بذلك وَاحْترز الشَّيْخ بِالْمُبَاشرَةِ عَمَّا إِذا أنزل بالفكر أَو الِاحْتِلَام وَلَا خلاف أَنه لَا يفْطر بذلك وَادّعى بَعضهم الْإِجْمَاع على ذَلِك وَأما النَّقَاء من الْحيض وَالنّفاس فقد نقل النَّوَوِيّ الاجماع على أَن صِحَة الصَّوْم متوقفة على فقدهما فَلَو طَرَأَ فِي أثْنَاء الصَّوْم بَطل وَكَذَا لَو طَرَأَ جُنُون أوردة بَطل الصَّوْم لِلْخُرُوجِ عَن أَهْلِيَّة الْعِبَادَة وَلَو طَرَأَ إِغْمَاء نظر إِن استغرق جَمِيع النَّهَار فَهَل يَصح صَوْمه أم لَا الْأَظْهر أَنه إِن أَفَاق فِي لَحْظَة من النَّهَار صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَو نَام جَمِيع النَّهَار فَهَل يَصح صَوْمه قيل لَا كالاغماء وَالصَّحِيح أَنه لَا يضر لبَقَاء أَهْلِيَّة الْخطاب وَلَو نَام جَمِيع النَّهَار إِلَّا لَحْظَة فانه لَا يضر بالِاتِّفَاقِ وطرو الرِّدَّة مُبْطل لِلْخُرُوجِ عَن أَهْلِيَّة الْعِبَادَة وَالله أعلم قَالَ
بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم
(وَيسْتَحب فِي الصَّوْم ثَلَاثَة أَشْيَاء تَعْجِيل الْفطر وَتَأْخِير السّحُور وَترك الهجر من الْكَلَام)
يسن للصَّائِم أَن يعجل الْفطر عِنْد تحقق غرُوب الشَّمْس لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
(لَا يزَال النَّاس بِخَير مَا عجلوا الْفطر) وَيكرهُ لَهُ التَّأْخِير إِن قصد ذَلِك وَرَأى أَن فِيهِ فَضِيلَة قَالَه الشَّافِعِي فِي الْأُم وَإِلَّا فَلَا بَأْس بِهِ وَلَا يسْتَحبّ وَقد ورد أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
(كَانَ إِذا كَانَ صَائِما لم يصل حَتَّى يُؤْتى برطب أَو مَاء فيأكل أَو يشرب وَإِذا كَانَ فِي الشتَاء لم يصل حَتَّى نأتيه بِتَمْر أَو مَاء) وَيسْتَحب أَن يفْطر على تمر وَإِلَّا فعلى مَاء للْحَدِيث وَلِأَن الحلو يُقَوي وَالْمَاء يطهر وَقَالَ الرَّوْيَانِيّ إِن لم يجد التَّمْر فعلى حُلْو لِأَن الصَّوْم ينقص الْبَصَر وَالتَّمْر يردهُ فالحلو فِي مَعْنَاهُ وَإِن كَانَ بِمَكَّة فعلى مَاء زَمْزَم وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن الأولى فِي زَمَاننَا أَن يفْطر على مَاء يَأْخُذهُ بكفه من النَّهر لِأَن أبعد عَن الشُّبْهَة وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَمَا قَالَاه شَاذ مُخَالف للْحَدِيث وَأما اسْتِحْبَاب تَأْخِير السّحُور فَفِي الحَدِيث
(إِن تَأْخِير السّحُور من سنَن الْمُرْسلين) وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute