للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَا ابْن أم عبد مَا حكم من بغى من أمتِي قلت الله وَرَسُوله أعلم قَالَ لَا يتبع مدبرهم وَلَا يُجهز على جريحهم وَلَا يقتل أسيرهم وَدخل الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا على مَرْوَان فَقَالَ مَا رَأَيْت أكْرم من أَبِيك مَا إِن ولينا ظُهُورنَا يَوْم الْجمل حَتَّى نَادَى مناديه أَلا لَا يتبع مُدبر وَلَا يذفف على جريح وَلِأَن الْمَقْصُود كف شرهم لأقتلهم وَتمسك الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي ذَلِك بِالْآيَةِ الْكَرِيمَة فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} وَفسّر الْفَيْء فِي الْآيَة الْكَرِيمَة بترك الْقِتَال وبالعود إِلَى الطَّاعَة أَو الْهَزِيمَة وَقَالَ أَيْضا أَمر الله بقتالهم لَا بِقَتْلِهِم وَإِنَّمَا يُقَال قَاتلُوا لمن يُقَاتل وَيُقَال للمنهزم اقْتُلُوهُ قلت وَكَذَا يُقَال للأسير والمثخن إِذْ لَا مقاتلة فيهمَا إِذْ هَذِه الصِّيغَة مفاعلة وضعا وَالله أعلم وَقَوله وَلَا يغنم مَالهم لأَنهم مُسلمُونَ وَلَا يحل مَال امْرِئ مُسلم إِلَّا عَن طيب قلب والآيات الْأَخْبَار فِي ذَلِك كَثِيرَة وَالله أعلم قَالَ

بَاب الرِّدَّة وَحكم الْمُرْتَد فصل فِي الرِّدَّة وَمن ارْتَدَّ عَن الاسلام استتيب ثَلَاثًا فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل وَلم يغسل وَلم يصل عَلَيْهِ وَلم يدْفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين

الرِّدَّة فِي اللُّغَة الرُّجُوع عَن الشَّيْء إِلَى غَيره وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} وَفِي الشَّرْع الرُّجُوع عَن الْإِسْلَام إِلَى الْكفْر وَقطع الْإِسْلَام وَيحصل تَارَة بالْقَوْل وَتارَة بِالْفِعْلِ وَتارَة بالاعتقاد وكل وَاحِد من هَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة فِيهِ مسَائِل لَا تكَاد تحصر فَنَذْكُر من كل نبذة مَا يعرف بهَا غَيره أما القَوْل فَكَمَا إِذْ قَالَ شخص عَن عدوه لَو كَانَ رَبِّي مَا عبدته فَإِنَّهُ يكفر وَكَذَا لَو قَالَ لَو كَانَ نَبيا مَا آمَنت بِهِ أَو قَالَ عَن وَلَده أَو زَوجته هُوَ أحب إِلَيّ من الله أَو من رَسُوله وَكَذَا لَو قَالَ مَرِيض بعد أَن شفي لقِيت فِي مرضِي هَذَا مَا لَو قتلت أَبَا بكر وَعمر لم استوجبه فَإِنَّهُ يكفر وَذهب طَائِفَة من الْعلمَاء إِلَى أَنه يتحتم قَتله لِأَنَّهُ يتَضَمَّن قَوْله نِسْبَة الله تَعَالَى إِلَى الْجور وَقَضِيَّة هَذَا التَّعْلِيل أَن يلْتَحق بِهَذِهِ الصُّورَة مَا فِي مَعْنَاهَا لأجل تضمن هَذِه النِّسْبَة عَافَانَا الله تَعَالَى من ذَلِك وَكَذَا لَو ادّعى أَنه أُوحِي إِلَيْهِ وَإِن لم يدع النُّبُوَّة أَو ادّعى أَنه يدْخل الْجنَّة وَيَأْكُل من ثمارها وَأَنه يعانق الْحور الْعين فَهُوَ كفر بِالْإِجْمَاع وَمثل هَذَا وأشباهه كَمَا يَقُوله زنادقة المتصوفة قَاتلهم الله مَا أجهلهم وأكفرهم وأبلم من اعتقدهم وَلَو سبّ نَبيا من الْأَنْبِيَاء أَو استخف بِهِ فَإِنَّهُ يكفر بِالْإِجْمَاع وَمن صور الِاسْتِهْزَاء

<<  <   >  >>