يحضر رَمَضَان آخر وَمن شرع فِي صَوْم تطوع لم يلْزمه إِتْمَامه وَيسْتَحب لَهُ الاتمام فَلَو خرج مِنْهُ فَلَا قَضَاء لَكِن يسْتَحبّ وَهل يكره أَن يخرج مِنْهُ نظر إِن خرج لعذر لم يكره وَإِلَّا كره وَمن الْعذر أَن يعز على من يضيفه امْتِنَاعه من الْأكل وَيكرهُ صَوْم يَوْم الْجُمُعَة وَحده تَطَوّعا وَكَذَا إِفْرَاد يَوْم السبت وَكَذَا إِفْرَاد يَوْم الْأَحَد وَالله أعلم قَالَ
بَاب الِاعْتِكَاف
(فصل الِاعْتِكَاف مُسْتَحبّ وَله شَرْطَانِ النِّيَّة واللبث فِي الْمَسْجِد)
الِاعْتِكَاف فِي اللُّغَة الاقامة على الشَّيْء خيرا كَانَ أَو شرا وَفِي الشَّرْع إِقَامَة مَخْصُوصَة وَالْأَصْل فِي اسْتِحْبَابه الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة قَالَ الله تَعَالَى {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} وَقد ثَبت اعْتِكَاف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ سنة مُؤَكدَة يَنْبَغِي الاعتناء بهَا وَيسْتَحب فِي جَمِيع الْأَوْقَات وَفِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان آكِد اقْتِدَاء برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وطلباً لليلة الْقدر وَلَيْلَة الْقدر أفضل ليَالِي السّنة وَهِي بَاقِيَة بِفضل الله تَعَالَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وكذهب جُمْهُور الْعلمَاء أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان وَفِي أوتاره أَرْجَى وميل الشَّافِعِي إِلَى أَنَّهَا لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين قَالَ ابْن خُزَيْمَة وتنتقل فِي كل سنة إِلَى لَيْلَة جمعا بَين الْأَدِلَّة قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ مَنْقُول عَن الْمُزنِيّ أَيْضا وَهُوَ قوي وَمذهب الشَّافِعِي أَنَّهَا تلْزم لَيْلَة بِعَينهَا وَالله أعلم
وأركانه أَرْبَعَة النِّيَّة لِأَنَّهُ عبَادَة فافتقر إِلَى النِّيَّة كَسَائِر الْعِبَادَات
الثَّانِي اللّّبْث فِي الْمَسْجِد أما اللّّبْث فِي الْمَسْجِد فَلَا بُد مِنْهُ على الصَّحِيح وَلَا يكفى قدر الطُّمَأْنِينَة فِي الصَّلَاة بل لَا بُد من زِيَادَة عَلَيْهِ بِمَا يُسمى عكوفاً وَإِقَامَة وَلَا يشْتَرط السّكُون بل يَصح الِاعْتِكَاف مَعَ التَّرَدُّد فِي أَطْرَاف الْمَسْجِد كَمَا يحرم ذَلِك على الْجنب وَكَذَا يَصح الِاعْتِكَاف قَائِما وَاسْتحبَّ الشَّافِعِي أَن يعْتَكف يَوْمًا لِلْخُرُوجِ من الْخلاف فَإِن أَبَا حنيفَة ومالكاً لَا يجوزان الِاعْتِكَاف أقل من يَوْم وَهُوَ وَجه فِي مَذْهَبنَا وَلَو كَانَ كلما دخل وَخرج نوى الِاعْتِكَاف صَحَّ على الْمَذْهَب وَلنَا وَجه أَنه يشْتَرط اللّّبْث وَيَكْفِي الْحُضُور كَمَا يَكْفِي مُجَرّد الْحُضُور فِي عَرَفَة وَأما اشْتِرَاط الْمَسْجِد فَلِأَنَّهُ الْمَنْقُول عَنهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَعَن أَصْحَابه ونسائه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute