الشَّافِعِي عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ
(من منع فضل المَاء ليمنع بِهِ فضل الْكلأ مَنعه الله فضل رَحمته يَوْم الْقِيَامَة) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
(لَا تمنعوا فضل المَاء لتمنعوا بِهِ الْكلأ) وَالْفرق بَين الْمَاشِيَة وَالزَّرْع وَنَحْوه حُرْمَة الرّوح بِدَلِيل وجوب سقيها بخلاق الزَّرْع ثمَّ لوُجُوب الْبَذْل شُرُوط
أَحدهَا أَن يفضل عَن حَاجته فَإِن لم يفضل لم يجب وَيبدأ بِنَفسِهِ
الثَّانِي أَن يحْتَاج إِلَه صَاحب الْمَاشِيَة بِأَن لَا يجد مَاء مُبَاحا
الثَّالِث أَن يكون هُنَاكَ كلأ يرْعَى وَلَا يُمكن رعيه إِلَّا بسقي المَاء
الرَّابِع أَن يكون المَاء فِي مستقره وَهُوَ مِمَّا يسْتَخْلف فَأَما إِذا أَخذه فِي الْإِنَاء فَلَا يجب بذله على الصَّحِيح وَإِذا وَجب الْبَدَل مكن الْمَاشِيَة من حُضُور الْبِئْر بِشَرْط أَن لَا يتَضَرَّر صَاحب الْمَار فِي زرع وَلَا مَاشِيَة فَإِن تضرر بورودها منعت ويستقي الرُّعَاة لَهَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَإِذا وَجب الْبَذْل فَهَل يجوز لَهُ أَن يَأْخُذ عَلَيْهِ عوضا كطعام الْمُضْطَر وَجْهَان الصَّحِيح لَا للْحَدِيث الصَّحِيح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(نهى عَن بيع فضل المَاء) فَلَو لم يجب بذل فضل المَاء جَازَ بَيْعه بكيل أَو وزن وَلَا يجوز بري الْمَاشِيَة أَو الزَّرْع لِأَنَّهُ مَجْهُول وَهُوَ غرر وَالله أعلم
(فرع) من حفر بِئْرا فِي موَات فَالصَّحِيح أَنه لَيْسَ لغيره أَن يحْفر بِئْرا يحصل بِسَبَبِهَا نقص مَاء الْبِئْر الأولى وَيكون ذَلِك الْموضع من حَرِيم الْبِئْر الأولى وَهَذَا بِخِلَاف مَا إِذا حفر بِئْرا فِي ملكه فنقص مَاء بِئْر جَاره فَإِنَّهُ لَا يمْنَع لِأَنَّهُ تصرف فِي عين ملكه وَفِي الْموَات ابْتِدَاء تملك فَيمْنَع مِنْهُ إِذا أضرّ بِالْغَيْر وَحكم غرس الْأَشْجَار كالبئر قَالَه القَاضِي أَبُو الطّيب وَالله أعلم
بَاب الْوَقْف فصل وَالْوَقْف جَائِز بِثَلَاث شَرَائِط أَن يكون مِمَّا ينْتَفع بِهِ مَعَ بَقَاء عينه
يُقَال وقفت وأوقفت لُغَة رَدِيئَة
وَحده فِي الشَّرْع حبس مَال يُمكن الِانْتِفَاع بِهِ مَعَ بَقَاء عينه مَمْنُوع من التَّصَرُّف فِي عينه