الْوَجْهَانِ قَالَ النَّوَوِيّ وَيرجع إِلَى عَادَة من تقدم النَّاظر من النظار إِن اتّفقت عَادَتهم وَلَو عرفنَا الْوَقْف وَلم نَعْرِف أَرْبَاب الْوَقْف قَالَ الْغَزالِيّ وَغَيره جعل كوقف لم يذكر مصرفه فَيكون كوقف مُطلق كَذَا نَقله النَّوَوِيّ عَن الْغَزالِيّ وَهُوَ سَهْو وَإِنَّمَا قَالَ الْغَزالِيّ إِنَّه كمنقطع آخر فَيكون الْوَقْف صَحِيحا والحاقه بِالْوَقْفِ الْمُطلق يَقْتَضِي عدم الصِّحَّة لِأَن الْأَصَح فِي الْوَقْف الْمُطلق أَنه لَا يَصح وَالله أعلم
(فرع) هَل يَصح أَن يُوقف الشَّخْص على نَفسه وَإِن ذكر بعده مصرفاً قَالَ جمَاعَة من الْأَصْحَاب بِالصِّحَّةِ مِنْهُم الزبيرِي وَابْن سُرَيج وَاسْتَحْسنهُ الرَّوْيَانِيّ وَاحْتَجُّوا لذَلِك بِأَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ لما وقف بِئْر رومة قَالَ دلوي فِيهَا كدلاء الْمُسلمين وَالصَّحِيح وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي أَنه لَا يجوز لِأَن معنى الْوَقْف تمْلِيك الْمَنْفَعَة قطعا والشخص لَا يملك نَفسه بِاتِّفَاق الْعُقَلَاء وَلِهَذَا لَا يَصح أَن يَبِيع من نَفسه وَالْجَوَاب أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ لم يقل ذَلِك شرطا وَلَكِن أخبر أَن للْوَاقِف أَن ينْتَفع بالأوقاف الْعَامَّة كَالصَّلَاةِ فِي الْبقْعَة الَّتِي جعلهَا مَسْجِدا وَالْفرق بَين الْأَوْقَاف الْعَامَّة والخاصة الْعَامَّة عَادَة إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ من الْإِبَاحَة بِخِلَاف الْخَاصَّة وَالله أعلم قَالَ
بَاب الْهِبَة فصل فِي الْهِبَة وكل مَا جَازَ بَيْعه جَازَت هِبته
اعْلَم أَن التَّمْلِيك بِغَيْر عوض أَن تمحض فِيهِ طلب الثَّوَاب فَهُوَ صَدَقَة وَإِن حمل إِلَى المملك إِكْرَاما وتودداً فَهُوَ هَدِيَّة وَإِلَّا فَهُوَ هبة وَهل من شرك الْهَدِيَّة أَن يكون بَين الْمهْدي وَالْمهْدِي إِلَيْهِ رَسُول وَجْهَان الرَّاجِح لَا وَتظهر فَائِدَة الْخلاف فِيمَا لَو حلف لَا يهدي إِلَيْهِ فوهبه شَيْئا يدا بيد فَفِي الْحِنْث وَجْهَان
وَالْهِبَة مَنْدُوبَة بِالْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة قَالَ الله تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} وَالْهِبَة بر ومعروف وَأما السّنة الْكَرِيمَة فكثيرة مِنْهَا حَدِيث بَرِيرَة رَضِي الله عَنْهَا فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
(هُوَ لَهَا صَدَقَة وَلنَا هَدِيَّة) وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
(كَانَ إِذا أُتِي بِطَعَام سَأَلَ عَنهُ فَإِن قيل هَدِيَّة أكل مِنْهَا وَإِن قيل صَدَقَة لم يَأْكُل مِنْهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute