وَاعْلَم أَن كل صَدَقَة وهدية هبة وَلَا تنعكس إِذا عرفت هَذَا فالشيء الْمَوْهُوب هُوَ أحد أَرْكَان الْهِبَة وَهُوَ مُعْتَبر بِالْبيعِ فَإِن الْهِبَة تمْلِيك ناجز كَالْبيع فَمَا جَازَ بَيْعه جَازَت هِبته وَمَا لَا يجوز بَيْعه كالمجهول كَقَوْلِه وَهبتك أحد عَبِيدِي لَا يَصح وَكَذَا لَا تصح هبة الْآبِق والضال كَمَا لَا يَصح بيعهمَا وَيجوز هبة الْمَغْصُوب لغير الْغَاصِب إِن قدر على الانتزاع وَإِلَّا فَلَا وَتجوز هبة الْمشَاع للشَّرِيك وَغَيره وَكَذَا تجوز هبة أَرض يَزْرَعهَا وكل مَا يَصح بَيْعه فَلَا تجوز هبة الْمَرْهُون وَالْكَلب وَجلد الْميتَة قبل دبغه كَذَا الدّهن النَّجس وَالصَّدَََقَة بِهِ وَقَالَ النَّوَوِيّ يَنْبَغِي الْقطع بِصِحَّة الصَّدَقَة بِهِ
وَاعْلَم أَن هبة الدّين للْمَدِين إِبْرَاء وَلَا يحْتَاج إِلَى قبُول على الْمَذْهَب وَلغيره بَاطِل على الْمَذْهَب وَلَو وهب لفقير دينا عَلَيْهِ بنية الزَّكَاة لم يَقع عَنْهَا وَلَو قَالَ تَصَدَّقت بِمَالي عَلَيْك برِئ قَالَه ابْن سُرَيج وَالشَّيْخ أَبُو حَامِد وَالله أعلم
(فرع) إِذا ختن شخص وَلَده وَعمل وَلِيمَة فَحملت إِلَيْهِ الْهَدَايَا وَلم يسم أَصْحَابهَا الْأَب وَلَا الابْن فَهَل هِيَ للْأَب أَو للِابْن وَجْهَان صحّح النَّوَوِيّ أَنَّهَا للْأَب وَأجَاب القَاضِي حُسَيْن أَنَّهَا للإبن وَتقبل للْأَب قلت يَنْبَغِي أَمر ثَالِث وَهُوَ أَنه إِن كَانَ الْمهْدي مِمَّا يصلح للصَّبِيّ دون أَبِيه كشيء من ملبوس الصغار فَهُوَ للصَّبِيّ وَإِن كَانَ لَا يصلح للصَّغِير فَهُوَ للْأَب وَإِن احتملهما فَهُوَ مَوضِع التَّرَدُّد لعدم الْقَرِينَة المرجحة وَالله أعلم
(الْمَسْأَلَة) كتب شخص إِلَى آخر كتابا فَهَل يملك الْمَكْتُوب إِلَيْهِ القرطاس قَالَ الْمُتَوَلِي إِن استدعى مِنْهُ الْجَواب على ظَهره لم يملكهُ وَعَلِيهِ رده وَإِلَّا فَهُوَ هَدِيَّة يملكهَا الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وَصحح النَّوَوِيّ هَذَا وَقَالَ غير الْمُتَوَلِي إِنَّه يبْقى على ملك الْكَاتِب وللمكتوب إِلَيْهِ الِانْتِفَاع بِهِ إِبَاحَة وَالله أعلم قَالَ
(وَلَا تلْزم إِلَّا بِالْقَبْضِ وَإِذا قبضهَا الْمَوْهُوب لَهُ لم يكن للْوَاهِب أَن يرجع فِيهَا إِلَّا أَن يكون والداً)
لَا تلْزم الْهِبَة وَلَا تملك إِلَّا بِالْقَبْضِ لِأَن الصّديق رَضِي الله عَنهُ نحل عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا جذاذ عشْرين وسْقا فَلَمَّا مرض قَالَ ودتت أَنَّك حُزْتِيهِ أَو قبضتيه وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْم مَال الْوَارِث فلولا توقف الْملك على الْقَبْض لما قَالَ إِنَّه ملك الْوَارِث وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لَا تتمّ النحلة حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute