للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبَغي الظُّلم والباغي فِي اصْطِلَاح الْعلمَاء هُوَ الْمُخَالف للامام الْعدْل الْخَارِج عَن طَاعَته بامتناعه من أَدَاء مَا وَجب عَلَيْهِ أَو غَيره بِالشُّرُوطِ الْآتِيَة قَالَ الْعلمَاء وَيجب قتال الْبُغَاة وَلَا يكفرون بالبغي وَإِذا رَجَعَ إِلَى الطَّاعَة ترك قِتَاله وَقبلت تَوْبَته قَالَ النَّوَوِيّ وأجمعت الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم على قتال الْبُغَاة فَإِذا خرج على الامام طَائِفَة ورامت عَزله وامتنعوا من أَدَاء الْحُقُوق فَينْظر فيهم إِن وجدت فيهم شُرُوط الْبُغَاة أجْرى حكمهم عَلَيْهِم وَإِلَّا فَلَا وللبغاة صِفَات يتميزون بهَا عَن غَيرهم من الخارجين على الامام مِنْهَا أَن يَكُونُوا فِي مَنْعَة بِأَن يكون لَهُم شَوْكَة وَعدد بِحَيْثُ يحْتَاج الامام فِي ردهم إِلَى الطَّاعَة إِلَى كلفة ببذل مَال واعداد رجال أَو نصب قتال فَإِن كَانُوا أفراداً ويسهل ضبطهم فليسوا ببغاة وَلَا يشْتَرط انفرادهم بِموضع من قَرْيَة أَو صحراء على الرَّاجِح عِنْد الْمُحَقِّقين قَالَ الرَّافِعِيّ وَرُبمَا يعْتَبر خُرُوجهمْ عَن قَبْضَة الامام وَهَذَا هُوَ الشَّرْط الثَّانِي عِنْد الشَّيْخ وَمِنْهَا أَن يكون لَهُم تَأْوِيل يَعْتَقِدُونَ بِسَبَبِهِ جَوَاز الْخُرُوج على الامام أَو منع الْحق المتوجه عَلَيْهِم فَلَو خرج قوم عَن الطَّاعَة وَمنعُوا الْحق بِلَا تَأْوِيل سَوَاء كَانَ حدا أَو قصاصا أَو مَالا لله تَعَالَى أَو للآدميين عناداً وَلم يتعلقوا بِتَأْوِيل فَلَيْسَ لَهُم حكم الْبُغَاة وَكَذَا المرتدون ثمَّ التَّأْوِيل إِن كَانَ بُطْلَانه مَقْطُوعًا بِهِ فَوَجْهَانِ أفقههما لاطلاق الْأَكْثَرين أَنه لَا يعْتَبر كتأويل الْمُرْتَدين وشبههم وَإِن كَانَ بُطْلَانه مظنوناً فَهُوَ مُعْتَبر وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخ تَأْوِيل سَائِغ وَمن الْأَصْحَاب من يعبر عَن ذَلِك بِتَأْوِيل مُحْتَمل وَالْكل يرجع إِلَى معنى فَمن ذَلِك تَأْوِيل الخارجين على سيدنَا عَليّ رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ تمسكوا باعتقادهم أَنه يعرف قتلة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَيقدر عَلَيْهِم وَلَا يقْتَصّ مِنْهُم لرضاه بقتْله ومواطأته إيَّاهُم وَمن أَمْثِلَة التَّأْوِيل الْحَامِل على منع الْحق مَا وَقع لمَانع الزَّكَاة فِي زمن الصّديق رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ قَالُوا أمرنَا بِدفع الزَّكَاة إِلَى من صلَاته سكن لنا وَهُوَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} وَصَلَاة غَيره لَيست سكناً لنا وَمِنْهَا أَن يكون لَهُم متبوع مُطَاع إِذْ لَا قُوَّة لمن لَا تَجْتَمِع كلمتهم على مُطَاع إِذا عرفت هَذَا فَمن لَهُ تَأْوِيل بِلَا شَوْكَة أَو شَوْكَة بِلَا تَأْوِيل لَيْسَ لَهُم حكم الْبُغَاة وَالله أعلم

(وَلَا يقتل أسيرهم وَلَا يغنم مَالهم وَلَا يذفف على جريحهم)

قد عرفت شُرُوط الْبُغَاة وَالْكَلَام الْآن فِي كَيْفيَّة قِتَالهمْ وطريقهم طَرِيق دفع الصَّائِل كَمَا مر الْآن الْمَقْصُود ردهم إِلَى الطَّاعَة وَدفع شرهم لَا الْقَتْل فَإِذا أمكن الْأسر فَلَا قتل وَإِذا أمكن الْإِثْخَان فَلَا تذفيف فَإِن التحم الْقِتَال خرج الْأَمر عَن الضَّبْط فَلَو أسر وَاحِد مِنْهُم أَو أثخن بالجراحة أَو غَيرهَا فَلَا يقتل الْأَسير وَلَا يذفف على الجريح والتذفيف تتميم الْقَتْل وتعجيل وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله يقتل الْأَسير ويذفف على الجريح وَحجَّتنَا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِابْنِ مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ

<<  <   >  >>