وَاعْلَم أَن الشَّفِيع لَا يملك بِمُجَرَّد قَوْله أَخذ الْمَبِيع بِالشُّفْعَة بل لَا بُد مَعَ اللَّفْظ من بذل الثّمن أَو رضى المُشْتَرِي بِذِمَّة الشَّفِيع لِأَنَّهُ من المُشْتَرِي يَأْخُذ أَو حكم الْحَاكِم بِثُبُوت الشُّفْعَة وَأما الْإِجَارَة فَهَل يثبت فِيهَا الْخِيَار فِيهِ خلاف صحّح النَّوَوِيّ فِي تَصْحِيح التَّنْبِيه ثُبُوت الْخِيَار فِيهَا وَصحح فِي أَكثر كتبه وَكَذَا الرَّافِعِيّ أَنه لَا يثبت وَالْمُسَاقَاة كَالْإِجَارَةِ وَهل يثبت الْخِيَار فِي عقد النِّكَاح الصَدَاق وَجْهَان الْأَصَح لَا يثبت وَقَوله
(مَا لم يَتَفَرَّقَا) يَعْنِي بأبدنهما عَن مجْلِس العقد فَلَو قاما فِي ذَلِك الْمجْلس مُدَّة متطاولة أَو قاما وتماشيا مراحل فهما على خيارهما على الصَّحِيح الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور فَإِن تفَرقا بَطل الْخِيَار للْخَبَر وَالرُّجُوع فِي التَّفَرُّق إِلَى الْعَادة فَمَا عده النَّاس تفَرقا لزم العقد بِهِ وَإِلَّا فَلَا فَلَو كَانَا فِي دَار صَغِيرَة فالتفرق أَن يخرج أَحدهمَا مِنْهَا أَو يصعد السَّطْح فَإِن كَانَت الدَّار كَبِيرَة فبأن يخرج أَحدهمَا من الْبَيْت إِلَى الصحن أَو عَكسه وَإِن كَانَا فِي سوق أَو صحراء فبأن يولي أَحدهمَا ظَهره وَيَمْشي قَلِيلا هَذَا هُوَ الصَّحِيح وكما يَنْقَطِع الْخِيَار بالتفرق كَذَا يَنْقَطِع بالتخاير بِأَن يَقُولَا اخترنا إِمْضَاء البيع أَو أجزناه أَو ألزمناه وَمَا أشبه ذَلِك فَإِن قَالَ أَحدهمَا اخْتَرْت إِمْضَاء العقد أَو أجزته انْقَطع خِيَاره وَبَقِي خِيَار الآخر وَلَو قَالَ أَحدهمَا للْآخر اختر أَو خيرتك انْقَطع خِيَار الْقَائِل لِأَنَّهُ دَلِيل الرضى وَلَا يَنْقَطِع خِيَار الآخر إِن سكت وَلَو أجَاز وَاحِد وَفسخ قدم الْفَسْخ وَلَو تبَايعا الْعِوَضَيْنِ بعد قبضهما فِي الْمجْلس بيعا ثَابتا صَحَّ البيع الثَّانِي على الْمَذْهَب الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور لِأَنَّهُ رَضِي بِلُزُوم الأول وَالله أعلم
وَأما خِيَار الشَّرْط فَإِنَّهُ يَصح بِالسنةِ وَالْإِجْمَاع بِشَرْط أَلا يزِيد على ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن زَاد بَطل البيع وَيجوز دون الثَّلَاث روى ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ سَمِعت رجلا يشكو إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَا يزَال يغبن فِي البيع فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم