للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون بِالْفِعْلِ فَإِذا تصرف الرَّاهِن فِي الْمَرْهُون بِمَا يزِيل الْملك بَطل الرَّهْن كَالْبيع وَالْإِعْتَاق وَجعله صَدَاقا أَو أُجْرَة أَو رَهنه عِنْد آخر وأقبضه أَو وهبه وأقبضه فَكل ذَلِك رُجُوع وَلَو أجر الْمَرْهُون فَهَل هُوَ رُجُوع ينظر إِن كَانَت الْإِجَارَة تَنْقَضِي قبل مَحل الدّين فَلَيْسَ بِرُجُوع قطعا عِنْد الْعِرَاقِيّين وَالْمُتوَلِّيّ وَقطع بِهِ الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَالْبَغوِيّ وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي كَذَا قَالَ النَّوَوِيّ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة وَإِن كَانَ الدّين يحل قبل انْقِضَاء الْإِجَازَة فَإِن جَوَّزنَا رهن الْمَأْجُور وَبيعه وَهُوَ الْأَصَح فَلَيْسَ بِرُجُوع وَلَو وطئ الْجَارِيَة الْمَرْهُونَة فَإِن أحبلها فَهُوَ رُجُوع وَإِن لم تحبل أَو زَوجهَا فَلَيْسَ بِرُجُوع وَقَول الشَّيْخ وللراهن الرُّجُوع فِيهِ يَعْنِي فِي الْمَرْهُون وَيجوز رُجُوعه إِلَى عقد الرَّهْن وَقَوله مَا لم يقبضهُ رَاجع إِلَى الْمَرْهُون لَيْسَ إِلَّا للاستقرار وَالله أعلم قَالَ

(وَلَا يضمنهُ الْمُرْتَهن إِلَّا بِالتَّعَدِّي)

الْمَرْهُون أَمَانَة فِي يَد الْمُرْتَهن لِأَن قَبضه بِإِذن الرَّاهِن فَكَانَ كَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجرَة فَلَا يضمنهُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي كَسَائِر الْأَمَانَات فَلَو تلف الْمَرْهُون بِغَيْر تعد لم يضمنهُ وَلم يسْقط من الدّين شَيْء لِأَنَّهُ وَثِيقَة فِي دين فَلَا يسْقط الدّين بتلفه كموت الضَّامِن وَالشَّاهِد

وَاعْلَم أَن الْمَرْهُون بعد زَوَال الرَّاهِن أَمَانَة فِي يَد الْمُرْتَهن لَا يضمنهُ إِذا تلف إِلَّا بِالتَّعَدِّي وَلَو ادّعى الْمُرْتَهن تلف الْمَرْهُون صدق بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِين وَهَذَا إِذا لم يذكر سَببا أَو ذكر سَببا خفِيا فَإِذا ذكر سَببا ظَاهرا لم يقبل إِلَّا بِبَيِّنَة لِإِمْكَان إِقَامَة الْبَيِّنَة على السَّبَب الظَّاهِر بِخِلَاف الْخَفي فَإِنَّهُ يتَعَذَّر أَو يتعسر وَلَو ادّعى الرَّد لم يقبل إِلَّا بِبَيِّنَة لِأَنَّهُ لَا تعسر للبينة وَلِأَنَّهُ قَبضه لغَرَض نَفسه فَلَا يقبل كالمستعير وَقَول الشَّيْخ إِلَّا بِالتَّعَدِّي بِأَن يتَصَرَّف فِيهِ تَصرفا هُوَ مَمْنُوع مِنْهُ وأنواع التَّعَدِّي كَثِيرَة وَهِي مَذْكُورَة فِي الْوَدِيعَة وَمن جُمْلَتهَا الِانْتِفَاع بالمرهون بِأَن كَانَت دَابَّة فركبها أَو حمل عَلَيْهَا أَو آنِية فاستعملها وَنَحْو ذَلِك وَالله أعلم قَالَ

(وَإِذا قضى بعض الْحق لم يخرج شَيْء من الرَّهْن حَتَّى يقْضِي جَمِيعه)

جَمِيع الْعين الْمَرْهُونَة وَثِيقَة بِكُل الدّين وَبِكُل جُزْء مِنْهُ فَلَا يَنْفَكّ حَتَّى يقْضِي جَمِيع الدّين وَفَاء بِمُقْتَضى الرَّهْن كَالْمكَاتبِ لَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء جَمِيع نُجُوم الْكِتَابَة وَادّعى ابْن الْمُنْذر الْإِجْمَاع على ذَلِك وَالله أعلم

(فرع) يَصح رهن الْمشَاع من الشَّرِيك وَغَيره وَقَبضه بِقَبض جَمِيعه كَالْبيع وَيجوز أَن يستعير شَيْئا ليرهنه بِدِينِهِ لِأَن الرَّهْن وَثِيقَة فَيجوز بِمَا لَا يملكهُ كالضمان فَإِذا لزم الرَّهْن فَلَا رُجُوع للْمَالِك وَلَو أذن الرَّاهِن للْمُرْتَهن فِي بيع الْمَرْهُون وَاسْتِيفَاء الْحق فَإِن بَاعه بِحَضْرَة الرَّاهِن صَحَّ وَإِلَّا فَلَا لِأَن بَيْعه لغَرَض نَفسه فاتهم فِي بيعَته لغيبته فَلَو قدر الثّمن انْتَفَت التُّهْمَة وَلَو شَرط كَون

<<  <   >  >>