أخبر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن هَؤُلَاءِ تنوب عَنْهُم الْأَوْلِيَاء وَقل الله تَعَالَى {وابتلوا الْيَتَامَى} قَالَ
(والمفلس الَّذِي ارتكبته الدُّيُون وَالْمَرِيض الْمخوف عَلَيْهِ فِيمَا زَاد على الثُّلُث وَالْعَبْد الَّذِي لم يُؤذن لَهُ فِي التِّجَارَة)
هَذَا هُوَ النَّوْع الثَّانِي وَهُوَ الْحجر لمصْلحَة الْغَيْر فحجر الْمُفلس لحق أَصْحَاب الدُّيُون فَلَا يَصح بَيْعه وإعتاقه وكتابته وهبته على الْأَظْهر وَكَذَا جَمِيع التَّصَرُّفَات المفوتة المَال الْمَوْجُود حَال التَّصَرُّف لِأَنَّهُ تصرف يفوت حق الْغَيْر فَلَا ينفذ فِيهِ تصرف وَإِلَّا لأبطل فَائِدَة الْحجر
وَأما حجر الْمَرِيض فَإِنَّهُ لحق الْوَرَثَة فِيمَا زَاد على الثُّلُث بعد الدُّيُون وَلَا حجر عَلَيْهِ فِي ثلث مَاله وَالِاعْتِبَار بِحَالَة الْمَوْت على الصَّحِيح لَا بِوَقْت الْوَصِيَّة فَلَو أوصى بِأَكْثَرَ من ثلث مَاله وَلَا واث لَهُ فَهِيَ بَاطِلَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّائِد على الثُّلُث وَتَصِح فِي الثُّلُث لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(إِن الله أَعْطَاكُم عِنْد وفاتكم ثلث أَمْوَالكُم زِيَادَة فِي أَعمالكُم) وَإِن كَانَ لَهُ وَارِث فَسَيَأْتِي فِي مَحَله إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأما كَون الْمَرَض مخوفا فَلَا بُد مِنْهُ وَبَيَانه يَأْتِي فِي الْوَصِيَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأما الْحجر فِي العَبْد فلسيده فَلَا يَصح مِنْهُ بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ لِأَنَّهُ لَا مَال لَهُ وَلَا ولَايَة فَلهَذَا لَا يَصح تصرفه وأهمل الشَّيْخ أَشْيَاء مِنْهَا حجر الْمُرْتَد لأجل الْمُسلمين وَمِنْهَا حجر الرَّهْن لأجل الْمُرْتَهن وَمِنْهَا الْحجر على السَّيِّد فِي العَبْد الْجَانِي لحق الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَمِنْهَا الْحجر على الْوَرَثَة فِي التَّرِكَة لحق الْمَيِّت وَحقّ أَصْحَاب الْحُقُوق وَمِنْهَا الْحجر على الْمُمْتَنع من إِعْطَاء الدُّيُون إِذا كَانَ مَاله زَائِدا على قدر الدُّيُون وَطَلَبه المستحقون ذكره الرَّافِعِيّ فِي بَاب الْفلس
وَمِنْهَا إِذا فسخ المُشْتَرِي بِعَيْب كَانَ لَهُ حبس الْمَبِيع إِلَى قبض الثّمن ويحجر على البَائِع فِي بَيْعه وَالْحَالة هَذِه ذكره الرَّافِعِيّ فِي حكم الْمَبِيع قبل الْقَبْض عَن الْمُتَوَلِي وَأقرهُ وَمِنْهَا الدَّار الَّتِي اسْتحقَّت الْمُعْتَدَّة أَن تَعْتَد فِيهَا لَا يجوز بيعهَا لتَعلق حق الْمَرْأَة بهَا إِذا كَانَت عدتهَا بِالْحملِ أَو الْأَقْرَاء لِأَن الْمدَّة غير مَعْلُومَة قَالَه الْأَصْحَاب
وَمِنْهَا الْحجر على من اشْترى عبدا بِشَرْط الْإِعْتَاق فَإِنَّهُ لَا يَصح بَيْعه لِأَن الْعتْق مُسْتَحقّ عَلَيْهِ وَمِنْهَا الْحجر على الْمُسْتَأْجر فِي الْعين الَّتِي اسْتَأْجر شخصا على الْعَمَل فِيهَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute