للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهِي فِي الِاصْطِلَاح انْتِقَال الدّين من ذمَّة إِلَى ذمَّة وحقيقتها بيع دين بدين على الْأَصَح واستثنيت من بيع الدّين بِالدّينِ لمسيس الْحَاجة والاصل فِيهَا الْإِجْمَاع مَا ورد أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ

(مطل الْغَنِيّ ظلم وَإِذا أتبع أحدكُم على ملئ فَليتبعْ) وَفِي رِوَايَة

(وَإِذا أُحِيل أحدكُم على ملئ فَليَحْتَلْ) وَقَوله أتبع بِضَم الْهمزَة وَسُكُون التَّاء وَقَوله فَليتبعْ قَالَ بعض الْمُحدثين إِن تاءه مُشَدّدَة وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم الصَّوَاب الْمَعْرُوف تخفيفها وَقَوله على ملئ هُوَ بِالْهَمْزَةِ والمطل إطالة المدافعة وَاشْترط الشَّيْخ لصحتها هَذِه الْأَرْبَعَة وَهِي ثَلَاثَة لِأَن رضى الْمُحِيل والمحتال شَرط وَاحِد وَوجه اشْتِرَاط رضى الْمُحِيل أَن الْحق الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ قَضَاؤُهُ من حَيْثُ شَاءَ وَوجه رَضِي الْمُحْتَال أَن حَقه فِي ذمَّة الْمُحِيل فَلَا ينْتَقل إِلَّا بِرِضَاهُ كَمَا أَن الْأَعْيَان لَا تبدل إِلَّا بِالتَّرَاضِي وَيُؤْخَذ من كَلَام الشَّيْخ أَن رضى الْمحَال عَلَيْهِ لَا يشْتَرط وَهُوَ كَذَلِك على الْأَصَح لِأَنَّهُ مَحل التَّصَرُّف فَأشبه العَبْد الْمَبِيع وَلِأَن الْحق للْمُحِيل فَلهُ أَن يَسْتَوْفِيه بِنَفسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَالله أعلم

الشَّرْط الثَّانِي أَن يكون الدّين مُسْتَقرًّا على مَا ذكره الشَّيْخ وَاشْتِرَاط الِاسْتِقْرَار ذكره الرَّافِعِيّ عِنْد مَا إِذا أحَال المُشْتَرِي البَائِع بِالثّمن وَقَالَ لَا يَكْفِي لصِحَّة الْحِوَالَة لُزُوم الدّين بل لَا بُد من الِاسْتِقْرَار وَلِأَن دين السّلم لَازم مَعَ أَن الْأَصَح لَا تصح الْحِوَالَة بِهِ وَلَا عَلَيْهِ لكنه قَالَه هُنَا الْقسم الثَّانِي الدّين اللَّازِم فَتَصِح الْحِوَالَة بِهِ وَعَلِيهِ قَالَ النَّوَوِيّ بعده أطلق الرَّافِعِيّ صِحَة الْحِوَالَة بِالدّينِ اللَّازِم وَعَلِيهِ اقْتِدَاء بالغزالي وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن دين السّلم لَازم وَلَا تصح الْحِوَالَة بِهِ وَلَا عَلَيْهِ على الصَّحِيح وَبِه قطع الْأَكْثَرُونَ قلت قد اتفقَا على تَصْحِيح الْحِوَالَة بِثمن فِي زمن الْخِيَار وَعَلِيهِ مَعَ أَنه غير لَازم فضلا عَن الِاسْتِقْرَار إِلَّا أَنه يؤول إِلَى اللُّزُوم وَأما بعد مُضِيّ الْخِيَار وَقبل قبض الْمَبِيع فَالْمَذْهَب الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور أَنه تصح الْحِوَالَة بِهِ وَعَلِيهِ مَعَ أَنه غير مُسْتَقر لجَوَاز تلف الْمَبِيع فَلَا يسْتَقرّ إِلَّا بِقَبض الْمَبِيع وَكَذَا تجوز الْحِوَالَة بِالْأُجْرَةِ وَكَذَا الصَدَاق قبل الدُّخُول وَالْمَوْت وَنَحْو ذَلِك بل صدر فِي أصل الرَّوْضَة فِي أول الشَّرْط فَقَالَ الثَّانِي كَون الدّين لَازِما أَو يصير إِلَى اللُّزُوم وَالله أعلم

(فرع) إِذا اشْترى شخص شَيْئا ثمَّ أحَال البَائِع بِالثّمن على رجل ثمَّ وجد المُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبا قَدِيما فَرده بِهِ أَو تَقَايلا وَنَحْوهمَا فَفِي بطلَان الْحِوَالَة خلاف منتشر وَالْمذهب الْبطلَان وَسَوَاء فِي ذَلِك بعد قبض الْمُحْتَال الْحِوَالَة أم لَا على الْأَصَح وَلَو أحَال البَائِع على المُشْتَرِي بِالثّمن لشخص فَالْمَذْهَب أَنَّهَا لَا تبطل سَوَاء قبض الْمُحْتَال مَال الْحِوَالَة من المُشْتَرِي أم لَا وَالْفرق بَين الصُّورَتَيْنِ أَن فِي هَذِه الصُّورَة الثَّانِيَة تعلق الْحق بثالث وَالله أعلم

<<  <   >  >>