رَسُول الله وَعلي دينه فصلى عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة قَالَ أَبُو قَتَادَة أَنا الْكَفِيل بِهِ ثمَّ شَرط صِحَة الضَّمَان أَن يعرف الضَّامِن الْمَضْمُون لَهُ على الْأَصَح لِأَن النَّاس يتفاوتون فِي الْمُطَالبَة تسهيلاً وتشديداً والأغراض تخْتَلف بذلك فَيكون الضَّمَان بِدُونِهِ غرراً وَلَا يشْتَرط معرفَة الْمَضْمُون عَنهُ فِي الْأَصَح وَلَا حَيَاته بِلَا خلاف كَمَا لَا يشْتَرط رِضَاهُ قطعا وَأما الدّين فشرطه كَونه ثَابتا وَقت ضَمَانه فَلَا يَصح ضَمَان مالم يجب وَإِن جرى سَبَب وُجُوبه كضمان نَفَقَة الْمَرْأَة غَدا وَيشْتَرط كَونه لَازِما أَو يؤول إِلَى اللُّزُوم لَا يشْتَرط الِاسْتِقْرَار مِثَال مَا يؤول إِلَى اللُّزُوم كَالثّمنِ فِي زمن الْخِيَار وَأما مَال الْجعَالَة قبل الْفَرَاغ من الْعَمَل قيل يَصح لِأَنَّهُ يؤول إِلَى اللُّزُوم وَالصَّحِيح أَنه لَا يَصح لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِم فِي الْحَال وَلَا يؤول لِأَنَّهُ لَيْسَ للجاعل إِلْزَام الْعَامِل الْعَمَل وإتمامه فَأشبه الْكِتَابَة كَذَا علله القَاضِي أَبُو الطّيب وَهُوَ تَعْلِيل ضَعِيف وَأما الثّمن بعد مُضِيّ الْخِيَار فَهُوَ لَازم وَغير مُسْتَقر فَيصح ضَمَانه وَكَذَا الصَدَاق قبل الدُّخُول وَلَا نظر إِلَى احْتِمَال سُقُوطه كَمَا لَا نظر إِلَى احْتِمَال سُقُوط المستقر بِالْإِبْرَاءِ وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوهمَا وَيشْتَرط فِي الدّين أَيْضا أَن يكون مَعْلُوما فَلَا يَصح ضَمَان الْمَجْهُول كَمَا إِذا قَالَت ضمنت ثمن مَا بِعته فلَانا وَهُوَ جَاهِل بِهِ فَإِن مَعْرفَته متيسرة وَقيل يَصح أما لَو قَالَ ضمنت لَك شَيْئا مِمَّا لَك على فلَان فَلَا يَصح بِلَا خلاف
وَاعْلَم أَن الْخلاف فِي صِحَة ضَمَان الْمَجْهُول جَار فِي صِحَة الْبَرَاءَة من الْمَجْهُول وَالْخلاف مَبْنِيّ على أَن الْبَرَاءَة تمْلِيك أَو إِسْقَاط فَإِن قُلْنَا تمْلِيك وَهُوَ الصَّحِيح فَلَا تصح الْبَرَاءَة من الْمَجْهُول وَإِن قُلْنَا إِسْقَاط صَحَّ الْإِبْرَاء من الْمَجْهُول وَتظهر ثَمَرَة الْخلاف فِيمَا لَو اغتاب شخص لآخر ثمَّ قَالَ لَهُ اغتبتك فَاجْعَلْنِي فِي حل فَفعل وَهُوَ لَا يدْرِي بِمَا اغتابه بِهِ فَهَل يبرأ فِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا نعم لِأَنَّهُ إِسْقَاط
الثَّانِي لَا لِأَن الْمَقْصُود رِضَاهُ وَلَا يُمكن الرضى بِالْمَجْهُولِ
وَاعْلَم أَنا إِذا لم نصحح ضَمَان الْمَجْهُول فَقَالَ ضمنت مِمَّا لَك على فلَان من دِرْهَم إِلَى عشرَة فَفِيهِ خلاف وَالصَّحِيح الصِّحَّة لانْتِفَاء الْغرَر بِذكر الْقدر فعلى هَذَا مَاذَا يلْزمه فِيهِ أوجه الرَّاجِح عِنْد الرَّافِعِيّ عشرَة وَالأَصَح عِنْد النَّوَوِيّ تِسْعَة وَقيل يلْزمه ثَمَانِيَة وَإِذا عرفت هَذَا فَيشْتَرط فِي ضَمَان الدّين كَونه ثَابتا لَازِما مَعْلُوما كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وأهملا رَابِعا ذكره الْغَزالِيّ وَهُوَ أَن يكون قَابلا لِأَن يتَبَرَّع الْإِنْسَان بِهِ على غَيره فَيخرج حد الْقصاص وحد الْقَذْف وَنَحْوهمَا وَالله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute