للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْأَصْل فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} وَالْمرَاد مَا يستعيره الْجِيرَان بَعضهم من بعض وَكَانَ ذَلِك وَاجِبا فِي أول الْإِسْلَام قَالَه الرَّوْيَانِيّ وَقَالَ البُخَارِيّ هُوَ كل مَعْرُوف وَفِي السّنة أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام

(اسْتعَار يَوْم خَيْبَر من صَفْوَان بن أُميَّة درعاً فَقَالَ لَهُ غصبا يَا مُحَمَّد فَقَالَ لَا بل عَارِية مَضْمُونَة) وَنقل ابْن الصّباغ الْإِجْمَاع على استحبابها إِذا عرفت هَذَا فَشرط الْمُعير أَن يكون أَهلا للتبرع فَلَا تصح من الْمَحْجُور عَلَيْهِ وَيشْتَرط أَن تكون مَنْفَعَة الْعين المعارة ملكا للْمُعِير فَتَصِح إِعَارَة الْمُسْتَأْجر لِأَنَّهُ ملك للمنفعة وَلَا يعير الْمُسْتَعِير لِأَنَّهُ غير مَالك للمنفعة وَإِنَّمَا أُبِيح لَهُ الِانْتِفَاع والمستبيح لَا يملك نقل الْإِبَاحَة بِدَلِيل أَن الضَّيْف لَا يُبِيح لغيره مَا قدم إِلَيْهِ وَلَا يطعم الْهِرَّة وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة والمنهاج وَالْمُحَرر وَقيل للْمُسْتَعِير أَن يعير قَالَ الإسنائي فِي شرح الْمِنْهَاج كَمَا أَن لَهُ أَن يُؤجر وَاعْتمد فِي الْإِجَارَة على نقل ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب أَن أَبَا عَليّ الدبيلي نقل عَن الشَّافِعِي أَنه جوز الْإِجَارَة للْمُسْتَعِير قَالَ وَيكون رُجُوع الْمُعير بِمَنْزِلَة الإنهدام فِي الدَّار حَتَّى تَنْفَسِخ الْإِجَارَة وَيسْتَحق الْمُسْتَعِير بِالْقِسْطِ وَفِي وَجه حَكَاهُ الرَّافِعِيّ فِي بَاب الْإِجَارَة أَنه يجوز أَن يستعير ليؤجر ثمَّ شَرط الْمُسْتَعَار كَونه مُنْتَفعا بِهِ فَلَا تصح إِعَارَة الْحمار الزَّمن وَنَحْوه لفَوَات الْمَقْصُود من الْعَارِية وَيشْتَرط أَيْضا بَقَاء الْعين بعد الِانْتِفَاع كإعارة الدَّوَابّ وَالثيَاب بِخِلَاف إِعَارَة الْأَطْعِمَة والشموع والصابون وَمَا فِي مَعْنَاهَا لِأَن مَنْفَعَتهَا فِي استهلاكها ثمَّ شَرط الْمَنْفَعَة أَن يكون لَهَا وَقع فِي الانتفاعات الحاجية وَلِهَذَا لَا يَصح اعارة الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير ليتزين بهَا على الصَّحِيح لِأَنَّهَا مَنْفَعَة ضَعِيفَة ومعظم مَنَافِعهَا فِي الانفاق وَقيل تصح إعارتها لِأَنَّهَا ينْتَفع بهَا مَعَ بَقَاء عينهَا قَالَ الرَّافِعِيّ وَمحل الْخلاف عِنْد إِطْلَاق الْعَارِية أما إِذا اسْتعَار الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير للتزين فَالْمُتَّجه الْقطع بِالصِّحَّةِ وبصحته أجَاب فِي التَّتِمَّة وَقَول الشَّيْخ إِذا كَانَت مَنَافِعه آثاراً احْتَرز بِهِ عَمَّا إِذا كَانَت الْمَنْفَعَة عينا كاستعارة الشَّاة للبنها والشجرة لثمرها وَنَحْو ذَلِك وَفِي جَوَاز إِعَارَة ذَلِك خلاف إِذا كَانَ بِصِيغَة الْإِبَاحَة كَقَوْلِه خُذ هَذِه الشَّاة فقد أبحتك درها ونسلها فأحد الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا كَقَوْلِه خُذ هَذِه الشَّاة فقد وَهبتك درها ونسلها وَهَذِه الْهِبَة فَاسِدَة فَيكون الدّرّ والنسل مَقْبُوضا بِهِبَة فَاسِدَة وَالشَّاة مَضْمُونَة بالعارية الْفَاسِدَة وَالثَّانِي أَنَّهَا إِبَاحَة صَحِيحَة وَالشَّاة عَارِية صَحِيحَة وَبِه قطع الْمُتَوَلِي وَمَا قطع بِهِ الْمُتَوَلِي صَححهُ النَّوَوِيّ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة ثمَّ نقل عَنهُ أَنه حكم بِالصِّحَّةِ أَيْضا فِيمَا إِذا دفع إِلَيْهِ شَاة وَقَالَ أعرتكها لدرها ونسلها فعلى مَا ذكره الْمُتَوَلِي وَصَححهُ النَّوَوِيّ تجوز الْعَارِية لاستعارة عين وَلَيْسَ من شَرطهَا أَن يكون الْمَقْصد مُجَرّد الْمَنْفَعَة بِخِلَاف الْإِجَارَة وَالله أعلم

<<  <   >  >>