صَحِيح يخْتَلف التَّرْجِيح فِيهِ باخْتلَاف صيفة الْوَقْف فَإِن قَالَ وقفت على أَوْلَادِي ثمَّ سكت أَو على الْفَقِير فلَان ثمَّ سكت وَلم يذكر مصرفاً لَهُ دوَام فَفِي هَذِه الصِّيغَة خلاف منتشر وَالرَّاجِح الصِّحَّة وَبِه قَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْهُم القَاضِي أَبُو حَامِد وَالْقَاضِي الطَّبَرِيّ وَالرُّويَانِيّ وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الْمُخْتَصر وَبِه قَالَ مَالك رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن مَقْصُود الْوَقْف الْقرْبَة وَالثَّوَاب فَإِذا بَين مصرفه فِي الْحَال سهل إدامته على سَبِيل الْخَيْر فعلى هَذَا إِذا انقرض الْمَوْقُوف عَلَيْهِ لَا يبطل الْوَقْف على الرَّاجِح فعلى هَذَا إِلَى من يصرفهُ الصَّحِيح وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الْمُخْتَصر إِلَى أقرب النَّاس إِلَى الْوَاقِف إِلَى يَوْم انْقِرَاض الْمَوْقُوف عَلَيْهِم فعلى هَذَا هَل الْمُعْتَبر الْإِرْث أم لَا الصَّحِيح إعتبار قرب الرَّحِم فعلى هَذَا يقدم ابْن الْبِنْت وَإِن لم يَرث على ابْن الْعم وَهل يشْتَرط الْكل أم يخْتَص بِهِ الْفُقَرَاء الرَّاجِح اخْتِصَاص الْفُقَرَاء لِأَن مصرفه مصرف الصَّدَقَة وَهل ذَلِك على سَبِيل الْوُجُوب أم الِاسْتِحْبَاب فِيهِ خلاف لم يرجح الشَّيْخَانِ فِي ذَلِك شَيْئا فَلَو انقرض الْفُقَرَاء فالمنصوص أَن الإِمَام يَجْعَل الْوَقْف حسبا على الْمُسلمين يصرف غَلَّته فِي مصالحهم وَرجحه الطَّبَرِيّ وَفِي الشَّامِل لِابْنِ الصّباغ يصرف للْفُقَرَاء أَو الْمَسَاكِين وَالله أعلم أما إِذا قَالَ وقفت هَذَا سنة فَالصَّحِيح الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور بطلَان الْوَقْف لفساد الشَّرْط لِأَن الْمَقْصُود دوَام الثَّوَاب هُوَ مَفْقُود وَالله أعلم
(فرع) هَل يشْتَرط الْقبُول فِي الْوَقْف ينظر إِن كَانَ الْوَقْف على جِهَة عَامَّة كالفقراء أَو الرَّبْط والمساجد فَلَا يشْتَرط لتعذره وَإِن كَانَ على معِين وَاحِدًا كَانَ أَو جمَاعَة فَفِيهِ خلاف الرَّاجِح فِي الْمُحَرر والمنهاج اشْتِرَاط الْقبُول فعلى هَذَا يكون الْقبُول مُتَّصِلا بِالْإِيجَابِ كَمَا فِي البيع وَالْهِبَة وَخص الْمُتَوَلِي الْخلاف بِمَا إِذا قُلْنَا الْملك فِي الْمَوْقُوف ينْتَقل إِلَى الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أما إِذا قُلْنَا ينْتَقل إِلَى الله تَعَالَى فَلَا يشْتَرط الْقبُول قطعا
وَاعْلَم أَن مَا صَححهُ النَّوَوِيّ فِي الْمِنْهَاج من اشْتِرَاط الْقبُول فِي بَاب الْوَقْف خَالفه فِي الرَّوْضَة فِي كتاب السّرقَة فَقَالَ فِي زياده الْمُخْتَار أَنه لَا يشْتَرط وَالْمُخْتَار فِي الرَّوْضَة بِمَعْنى الصَّحِيح وَكَلَام التَّنْبِيه يقتضضيه فَإِنَّهُ ذكر الْإِيجَاب وَلم يشْتَرط الْقبُول وَكَذَا فِي الْمُهَذّب وَمِمَّنْ قَالَ بِعَدَمِ اشْتِرَاط الْقبُول خلائق تَشْبِيها لَهُ بِالْعِتْقِ مِنْهُم الْمَاوَرْدِيّ بل قطع بِهِ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيّ بل نَص الشَّافِعِي على أَنه لَا يشْتَرط وَالله أعلم قَالَ
(وَأَن لَا يكون فِي مَحْظُور)
الْمَحْظُور الْحَرَام فَيشْتَرط فِي صِحَة الْوَقْف انْتِفَاء الْمعْصِيَة لِأَن الْوَقْف مَعْرُوف وبر وَالْمَعْصِيَة عكس ذَلِك فَيحرم الْوَقْف على شِرَاء آلَة لقطع الطَّرِيق وَكَذَا الْآلَات الْمُحرمَة كَسَائِر آلَات الْمعاصِي كَمَا يصنعه أهل الْبدع من صوفية الزوايا بِأَن يوقفوا آلَة لَهو لأجل السماع وَيَقُولُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute