خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب وَأجْمع الْمُسلمُونَ على الْجَوَاز فِي الْجُمْلَة وَهل تسْتَحب أَو تجب أَو كَيفَ الْحَال ينظر إِن كَانَ الْوَاجِد فَاسِقًا كره الِالْتِقَاط وَمن الْأَصْحَاب من مَنعه الِالْتِقَاط وَهُوَ قوي وَإِذا الْتقط نزعت من يَده كَمَا ينتزع مَال وَلَده وَإِن كَانَ الْوَاجِد حرا رشيدا وَهُوَ مِمَّن يَأْمَن على نَفسه عدم الْخِيَانَة فِيهَا نظر إِن وجدهَا فِي مَوضِع يَأْمَن عَلَيْهَا لأمانة أَهله وَلَيْسَ الْموضع مَمْلُوكا وَلَا دَار شرك فَالْأولى فِي حَقه أَن يَأْخُذهَا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ((وَالله فِي عون العَبْد مَا دَامَ العَبْد فِي عون أَخِيه)) وَإِن كَانَت فِي مَوضِع لَا يَأْمَن عَلَيْهَا فَهَل يلْزمه أَخذهَا فِيهِ خلاف قيل يجب لقَوْله تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} فَيلْزم بَعضهم حفظ مَال بعض كَمَا أَو ولي مَال الْيَتِيم يلْزمه حفظ مَاله وَقيل لَا يلْزمه الِالْتِقَاط بل يسْتَحبّ وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن الِالْتِقَاط إِمَّا أَمَانَة أَو كسب وَلَا يجب شَيْء مِنْهُمَا فَإِذا قُلْنَا بِالْوُجُوب فَلم يَأْخُذهَا حَتَّى تلفت لم يضمنهَا لِأَن المَال لم يحصل فِي يَده كَمَا لَو رأى مَال شخص يغرق أَو يَحْتَرِق وَأمكنهُ خلاصه فَلم يفعل وَكَذَا لَو لم يطعم الْمُضْطَر حَتَّى مَاتَ لَا يلْزمه ضَمَانه وَإِن كَانَ عَاصِيا وَقَول الشَّيْخ فِي موَات أَو طَرِيق احْتَرز بذلك عَمَّا إِذا وجدهَا فِي ملك شخص فَإِنَّهُ لَا يجوز لَهُ أَخذهَا صرح بِهِ الْمَاوَرْدِيّ لِأَن الظَّاهِر أَنَّهَا لصَاحب الْملك وَقَوله وَكَانَ على ثِقَة يُؤْخَذ مِنْهُ أَنه إِذا كَانَ لَا يَثِق بِنَفسِهِ أَن الأولى أَن لَا يَأْخُذ وَهُوَ كَذَلِك بل فِي جَوَاز أَخذه لَهَا وَجْهَان حَكَاهُمَا الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد وَالله أعلم
(فرع) لَيْسَ للْعَبد الِالْتِقَاط على الرَّاجِح لِأَن الِالْتِقَاط أَمَانَة أَو ولَايَة فِي الِابْتِدَاء وتملك بالانتهاء وَالْعَبْد لَيْسَ أَهلا لذَلِك فَلَا يعْتد بتعريفه فَإِن تلفت ضمنهَا فِي رقبته إِن لم يعلم السَّيِّد سَوَاء كَانَ بتفريط أَو غَيره لِأَنَّهُ مَال لزمَه بِغَيْر رضى مُسْتَحقّه فَأشبه أرش جِنَايَته فَإِن علم بهَا السَّيِّد فَأَخذهَا مِنْهُ فَهِيَ لقطَة فِي يَد السَّيِّد وَيسْقط الضَّمَان عَن العَبْد وَإِن لم يَأْخُذهَا مِنْهُ وأقرها فِي يَد العَبْد صَحَّ واستحفظه ليعرفها فَإِن كَانَ العَبْد خائناً فالسيد مُتَعَدٍّ وَإِن كَانَ العَبْد أَمينا فَلَا وَهل يسْقط الضَّمَان الْأَصَح فِي النِّهَايَة أَنه لَا يسْقط وَقِيَاس كَلَام الْجُمْهُور السُّقُوط وَإِن أهمله السَّيِّد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute