للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّبَب السَّابِع الْمُخَالفَة فِي الْحِفْظ فَإِذا أمره بِالْحِفْظِ على وَجه مَخْصُوص فَعدل عَنهُ وَتَلفت بِسَبَب الْعُدُول ضمنهَا للمخالفة وَإِن تلفت بِسَبَب آخر فَلَا ضَمَان وَفِي هَذَا صور مِنْهَا أودعهُ دَرَاهِم وَقَالَ اربطها فِي كمك فَأَمْسكهَا فِي يَده وَتَلفت هَل يضمن فِيهِ خلاف منتشر الرَّاجِح مِنْهَا أَنَّهَا إِن تلفت بنوم أَو نِسْيَان ضمن وَإِن أَخذهَا غَاصِب قهرا فَلَا ضَمَان لِأَن الْيَد أحرز وَلَو لم يربطها فِي كمه وَجعلهَا فِي جيبه لم يضمن لِأَنَّهُ أحرز إِلَّا إِذا كَانَ وَاسِعًا غير مزرر وَبِالْعَكْسِ يضمن قطعا بِأَن قَالَ اجْعَلْهَا فِي جيبك فربطها فِي كمه وَلَو ربطها فِي كمه كَمَا أمره لم يلْزمه الامساك بِالْيَدِ ثمَّ ينظر إِن جعل الْخَيط الرابط خَارج الْكمّ فَأَخذهَا طراز ضمن لِأَن فِيهِ اظهاراً للوديعة وتنبيهاً للطراز وسهولة فِي قطعه وحله وَإِن ضَاعَت بانحلال العقد لم يضمن إِذا كَانَ قد احتاط فِي الرَّبْط وَإِن جعل الْخَيط الرابط من دَاخل الْكمّ انعكس الحكم إِن أَخذهَا لص لم يضمن وَإِن ضَاعَت بالانحلال ضمن لِأَن الْعقْدَة إِذا انْحَلَّت تناثرت الدَّرَاهِم إِلَى خَارجه فَلَا يشْعر بِخِلَاف الْعَكْس فَإِنَّهَا إِن تناثرت فِي الْكمّ فيشعر بهَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَتَبعهُ النَّوَوِيّ وَكَذَا قَالَه الْأَصْحَاب وَهُوَ مُشكل لِأَن الْمَأْمُور بِهِ مُطلق الرَّبْط فَإِذا أَتَى بِهِ وَجب أَن لَا ينظر إِلَى جِهَات التّلف بِخِلَاف مَا إِذا عدل عَن الْمَأْمُور بِهِ

قلت وَمَا استشكله الرَّافِعِيّ قوي وَيَنْبَغِي الْفَتْوَى بِهِ وَيُؤَيِّدهُ أَن ابْن الرّفْعَة قَالَ وَقِيَاس مَا قَالَه الْأَصْحَاب أَنه لَو قَالَ الْمُودع للْمُودع احفظها فِي هَذَا الْبَيْت فوضعها فِي زَاوِيَة مِنْهُ فانهدمت عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يضمن لِأَنَّهُ لَو كَانَ فِي غَيرهَا لسلم وَمَعْلُوم أَنه بعيد وَالله أعلم وَلَو أودعهُ دَرَاهِم فِي طَرِيق أَو سوق وَلم يقل اربطها فِي كمك وَلَا أمْسكهَا فِي يدك فربطها فِي الْكمّ وأمسكها بِالْيَدِ فقد بَالغ فِي الْحِفْظ وَكَذَا لَو جعلهَا فِي جيبه وَهُوَ ضيق أَو وَاسع وزرره وَلَو أمْسكهَا بِالْيَدِ وَلم يربطها لم يضمن أَن أَخذهَا غَاصِب وَيضمن إِن تلفت بغفلة أَو نوم وَلَو ربطها فِي كمه وَلم يمْسِكهَا بِيَدِهِ فَقِيَاس مَا تقدم أَن ينظر إِلَى كَيْفيَّة الرَّبْط وجهة التّلف وَلَو وَضعهَا فِي الْكمّ وَلم يربطها فَسَقَطت نظر إِن كَانَت خَفِيفَة لَا يشْعر بهَا ضمن لتَقْصِيره وَإِن كَانَت ثَقيلَة يشْعر بهَا لم يضمن ذكره فِي الْمُهَذّب وَلَو وَضعهَا فِي كور الْعِمَارَة وَلم يشد ضمن

(فرع) أودعهُ شَيْئا فِي سوق وَنَحْوه ثمَّ قَالَ احفظها فِي بَيْتك فَيَنْبَغِي أَن يمْضِي إِلَى الْبَيْت ويحفظها فِيهِ فَإِن تَأَخّر بِلَا عذر وَتَلفت ضمن لتَقْصِيره وَيُقَاس بِمَا ذكرنَا بَقِيَّة الصُّور

(فرع) أودعهُ خَاتمًا وَلم يقل شَيْئا فَإِن جعله فِي غير الْخِنْصر لم يضمن إِن كَانَ رجلا بِخِلَاف الْمَرْأَة لِأَن غير الْخِنْصر فِي حَقّهَا كالخنصر فِي حق الرجل وَإِن جعله فِي الْخِنْصر فَقيل يضمن لِأَنَّهُ اسْتِعْمَال وَقيل إِن قصد الْحِفْظ لم يضمن وَإِن قصد الِاسْتِعْمَال ضمن وَقيل إِن جعل فصه إِلَى ظَاهر ضمن وَإِلَّا فَلَا قَالَ النَّوَوِيّ الْمُخْتَار أَنه يضمن مُطلقًا إِلَّا إِذا قصد الْحِفْظ وَالله أعلم

<<  <   >  >>