للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الِانْتِفَاع بِهِ فَلَا تصح الْوَصِيَّة بِهِ لِأَن مَنَافِعه مَعْدُومَة شرعا وَلَا يشْتَرط فِي الْمُوصى بِهِ أَن يكون طَاهِرا نعم الشَّرْط كَونه يجوز الِانْتِفَاع بِهِ كالزبل وَالْكَلب الَّذِي يجوز اقتناؤه وَالزَّيْت النَّجس لِأَن هَذِه الْأُمُور اختصاصات تنْتَقل إِلَى الْوَرَثَة فَيجوز نقلهَا إِلَى الْمُوصى لَهُ بِخِلَاف الْكَلْب الْعَقُور وَالْخمر وَالْخِنْزِير لِأَنَّهُ يحرم الِانْتِفَاع بهَا وَلَا تقر فِي الْيَد وَلَا يشْتَرط كَون الْمُوصى بِهِ عينا بل تجوز الْوَصِيَّة بالمنافع فَتَصِح الْوَصِيَّة بِمَنْفَعَة هَذَا العَبْد وَنَحْوه دَار وَلآخر برقبتها وكما تجوز الْوَصِيَّة بالمنافع كَذَلِك تجوز بِالْمَجْهُولِ كَمَا ذكره الشَّيْخ كَالْوَصِيَّةِ بِشَاة من شياهه واحدى دوابه وَكَذَا بالأعيان الغائبة وَبِمَا لَا يقدر على تَسْلِيمه كالطير فِي الْهَوَاء وَالْعَبْد الْآبِق وكما تجوز الْوَصِيَّة بِالْمَجْهُولِ تجوز أَيْضا بالمعدوم كَالْوَصِيَّةِ بِمَا تحمله هَذِه النَّاقة وَنَحْوهَا أَو بِمَا تحمله هَذِه الْأَشْجَار وَنَحْو ذَلِك وَوجه ذَلِك بِأَن الْمَعْدُوم يجوز أَن يملك بالمساقاة والاجارة مَعَ أَنَّهُمَا عقدا مُعَارضَة فبالوصية أولى لِأَن بَاب الْوَصِيَّة أوسع من غَيره وَقيل لَا تصح مُطلقًا وَقيل تصح بالثمرة دون الْوَلَد وَفرق بَينهمَا بِأَن الثَّمَرَة تحدث بِلَا صنع بِخِلَاف الْوَلَد وَإِذا صحت الْوَصِيَّة بِالْحملِ الَّذِي سيحدث فَتَصِح بِالْحملِ الْمَوْجُود أولى وَشرط اسْتِحْقَاقه تحقق وجوده حَال الْوَصِيَّة

(فرع) أوصى لَهُ بِحمْل جَارِيَة فَأَلْقَت جَنِينهَا بِجِنَايَة جَان فالأرش للْمُوصى لَهُ بِخِلَاف الْبَهِيمَة فَإِنَّهُ لَا شَيْء للْمُوصى لَهُ وَالْفرق أَن أرش الْجَنِين بدله أَي بدل الْحمل وَمَا وَجب فِي جَنِين الْبَهِيمَة بدل مَا نقص من قيمَة الْأُم وَالله أعلم

(فرع) قَالَ أوصيت لَك بِهَذِهِ الدَّابَّة وَهِي ملك غَيره أَو قَالَ أوصيت لَك بِهَذَا العَبْد أَن ملكته فَهَل تصح الْوَصِيَّة فِيهِ وَجْهَان قطع الْغَزالِيّ بِعَدَمِ الصِّحَّة لِأَن هَذِه الْعين يملك مَالِكهَا الْوَصِيَّة بهَا فَلَو صححنا الْوَصِيَّة لَأَدَّى إِلَى أَن الشَّيْء الْوَاحِد يكون محلا لتصرف اثْنَيْنِ وَهُوَ مُمْتَنع

وَالثَّانِي أَنه يَصح لِأَنَّهُ إِذا صحت الْوَصِيَّة بالمعدوم فَبِهَذَا أولى قَالَه النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وَهَذَا أفقه وأجرى على قَوَاعِد الْبَاب

قلت وَهُوَ الَّذِي جرى عَلَيْهِ الشَّيْخ فِي التَّنْبِيه وَأقرهُ النَّوَوِيّ فِي التَّصْحِيح وَالله أعلم قَالَ

(وَهِي من الثُّلُث فَإِن زَاد وقف على إجَازَة الْوَرَثَة وَلَا تجوز الْوَصِيَّة للْوَارِث إِلَّا أَن يجيزها بَاقِي الْوَرَثَة)

تجوز الْوَصِيَّة بِثلث المَال بعد الدّين (لِأَن الْبَراء بن معْرور رَضِي الله عَنهُ أوصى للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثلث مَاله فَقبله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورده على ورثته) وَسَوَاء كَانَ الْمُوصي عَالما بِقدر مَاله أَو جَاهِلا فَإِن زَاد

<<  <   >  >>