للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَتَصِح الْوَصِيَّة من كل مَالك عَاقل لكل ممتلك أَو فِي سَبِيل الله)

من أَرْكَان الْوَصِيَّة الْمُوصي وَالْمُوصى لَهُ فالموصي إِن كَانَ جَائِز التَّصَرُّف فِي مَاله جَازَ وَصيته للْأَخْبَار وَإِن لم يكن جَائِز التَّصَرُّف كَالْمَجْنُونِ والمبرسم وَالْمَعْتُوه فَلَا تصح وَصيته لِأَن صِحَة الْوَصِيَّة تتَعَلَّق بالْقَوْل وَقَول من هَذِه صفته ملغى والبرسام والعته نَوْعَانِ من اختلال الْعقل كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيّ غير الْمُمَيز كَالْمَجْنُونِ وَأما الْمُمَيز فَلَا تصح أَيْضا وَصيته وتدبيره كإعاقته وهبته إِذْ لَا عبارَة لَهُ كَالْمَجْنُونِ وَفِي السَّفِيه خلاف الْمَذْهَب صِحَة وَصيته لِأَنَّهُ صَحِيح الْعبارَة بِخِلَاف الصَّبِي وَالله أعلم

وَقَوله (لكل متملك) إِشَارَة إِلَى الْمُوصى لَهُ فالموصى لَهُ إِن كَانَ جِهَة عَامَّة فَالشَّرْط أَن لَا تكون جِهَة مَعْصِيّة سَوَاء أوصى بِهِ مُسلم أَو ذمِّي فَلَو أوصى مُسلم بِبِنَاء بقْعَة لبَعض الْمعاصِي كَمَا إِذا أوصى شخص بشرَاء بقْعَة ليقام فِيهَا سَماع فُقَرَاء الرجس الَّذين يتضلعون من أَمْوَال الظلمَة ويتقربون إِلَى الله تَعَالَى بالرقص على آله اللَّهْو مَعَ الْأَحْدَاث وَالنِّسَاء ويتواجدون بِسَبَب ذَلِك فَهَذِهِ الْوَصِيَّة بَاطِلَة كَمَا لَو أوصى ذمِّي بِبِنَاء كَنِيسَة حَتَّى لَو حكم بِصِحَّة ذَلِك نقض وَإِن كَانَت الْوَصِيَّة لمُعين فَيَنْبَغِي أَن يتَصَوَّر لَهُ الْملك فَلَو أوصى بِحمْل جَارِيَة نظر أَن قَالَ أوصيت بِحمْل فُلَانَة أَو بحملها الْمَوْجُود الْآن فَلَا بُد لنفوذ هَذِه الْوَصِيَّة من شرطين

أَحدهمَا أَن يعلم وجوده حَال الْوَصِيَّة بِأَن ينْفَصل لأَقل من سِتَّة أشهر فَإِن انْفَصل لسِتَّة أشهر فَأكْثر نظر إِن كَانَت الْمَرْأَة فراشا للسَّيِّد أَو لزوج لم يسْتَحق شَيْئا لاحْتِمَال علوقه بعد الْوَصِيَّة وَإِن لم تكن فراشا بِأَن فَارقهَا زَوجهَا أَو سَيِّدهَا قبل الْوَصِيَّة نظر أَن كَانَ الِانْفِصَال لأكْثر من أَربع سِنِين من وَقت الْوَصِيَّة لم يسْتَحق شَيْئا فَلَو انْفَصل لدوّنَ ذَلِك فَفِيهِ خلاف وَالرَّاجِح أَنه يسْتَحق لِأَن الظَّاهِر وجوده

وَالشّرط الثَّانِي أَن ينْفَصل حَيا فَإِن انْفَصل مَيتا فَلَا شَيْء لَهُ وَالله أعلم وَلَو أوصى فِي سَبِيل الله تَعَالَى أَو لسبيل الله تَعَالَى صرف إِلَى الْغُزَاة من أهل الصَّدقَات لِأَنَّهُ الْمَفْهُوم شرعا وَأَقل من تصرف إِلَيْهِ ثَلَاثَة وَيجوز للْمُسلمِ وَالذِّمِّيّ الْوَصِيَّة لعمارة الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَغَيره من الْمَسَاجِد وَكَذَا لعمارة قُبُور الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاء لما فِي ذَلِك من إحْيَاء الزياة والتبرك بهَا وَالله أعلم قَالَ

(وَتجوز الْوَصِيَّة إِلَى من اجْتمعت فِيهِ خمس خِصَال الاسلام وَالْبُلُوغ وَالْعقل وَالْحريَّة وَالْأَمَانَة)

قَالَ الرَّافِعِيّ الْوَصِيَّة مُسْتَحبَّة فِي رد الظَّالِم وَقَضَاء الدُّيُون وتنفيذ الْوَصَايَا وَأُمُور الْأَطْفَال قَالَ النَّوَوِيّ هِيَ فِي رد الْمَظَالِم وَقَضَاء الدُّيُون الَّتِي يعجز عَنْهَا فِي الْحَال وَاجِبَة وَالله أعلم

<<  <   >  >>