يخف من النّظر فتْنَة قَالَ الرَّافِعِيّ لَا يحرم فَإِن لم تكن شَهْوَة وَخَافَ الْفِتْنَة حرم على الصَّحِيح وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين قَالَ النَّوَوِيّ فِي غير مَوضِع من شرح الْمُهَذّب الصَّحِيح تَحْرِيم النّظر إِلَى الْأَمْرَد مُطلقًا وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَمعنى مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ بِشَهْوَة أَو بِغَيْر شَهْوَة نعم شَرط فِي الرياض أَن يكون حسنا وَالله أعلم
قلت الْحسن أَمر نسبي يخْتَلف باخْتلَاف الطباع وَلَا شكّ أَن الْأَمْرَد مَظَنَّة الْفِتْنَة كَمَا أَن الْمَرْأَة كَذَلِك وَإِذا كَانَت الْحِكْمَة غير منضبطة فالقاعدة إلغاؤها وإناطة الحكم بِمَا يَنْضَبِط أَلا ترى أَن الْمَشَقَّة فِي السّفر هِيَ الْحِكْمَة فِي جَوَاز الْقصر فَلَمَّا لم تكن منضبطة ألغيناها وأنطنا الحكم بالمظنة وَهُوَ السّفر فَكَذَلِك هَهُنَا فَالْوَجْه الْمَنْع مُطلقًا وَكَذَا أطلقهُ غير وَاحِد من الْأَصْحَاب بل نَص الشَّافِعِي إِطْلَاقه وَالله أعلم
الْفَرْع الثَّانِي إِن نظر الْمَرْأَة إِلَى الْمَرْأَة كنظر الرجل إِلَى الرجل وَهَذَا فِي نظر الْمسلمَة إِلَى الْمسلمَة وَأما نظر الذِّمِّيَّة إِلَى الْمسلمَة فَفِيهِ خلاف قَالَ الْغَزالِيّ الْأَصَح أَنَّهَا كالمسلمة وَقَالَ الْبَغَوِيّ الصَّحِيح الْمَنْع فعلى هَذَا لَا تدخل مَعَ المسلمات إِلَى الْحمام وَمَا الَّذِي ترى من الْمسلمَة قيل ترى مَا يرى الرجل وَقيل مَا يَبْدُو عِنْد المهنة قَالَ الرَّافِعِيّ وَهَذَا أشبه قَالَ النَّوَوِيّ الصَّحِيح مَا صَححهُ الْبَغَوِيّ وَسَائِر الكافرات كالذمية فِي هَذَا ذكره العمراني وَالله أعلم
قلت وَاحْتج الْبَغَوِيّ لما قَالَه بقوله تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} وَلَيْسَت الكافرات من نسائهن أَي من نسَاء الْمُؤْمِنَات بل قَالَ الإِمَام الْعَلامَة الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام إِن الْمَرْأَة الفاسقة فِي ذَلِك حكمهَا حكم الذِّمِّيَّة فَيجب على وُلَاة الْأُمُور منع الذميات والفاسقات من دُخُول الحمامات مَعَ الْمُحْصنَات من الْمُؤْمِنَات فَإِن تعذر ذَلِك لقلَّة مبالاة وُلَاة الْأُمُور بإنكار ذَلِك فلتحترز المؤمنة الْحرَّة عَن الْكَافِرَة والفاسقة
الْفَرْع الثَّالِث أَنه كل مَا لَا يجوز النّظر إِلَيْهِ مُتَّصِلا كالذكر وساعد الجرة وَشعر رَأسهَا وقلامة ظفر رجلهَا وَشعر عانة الرجل وَمَا أشبه ذَلِك فَيحرم النّظر إِلَيْهِ بعد الِانْفِصَال على الصَّحِيح فَيَنْبَغِي لمن حلق عانته وَكَذَا الْمَرْأَة الْحرَّة إِن مشطت رَأسهَا أَن يواريا ذَلِك
وَاعْلَم أَنه حَيْثُ حرم النّظر حرم الْمس بطرِيق الأولى لِأَنَّهُ أبلغ لَذَّة فَيحرم على الرجل مس فَخذ الرجل بِلَا حَائِل فَإِن كَانَ من فَوق حَائِل وَخَافَ فتْنَة حرم أَيْضا وَقد يحرم الْمس وَإِن لم يحرم النّظر فَيحرم مس الْمَحَارِم حَتَّى يحرم على الشَّخْص مس بطن أمه وظهرها وَكَذَلِكَ يحرم عَلَيْهِ أَن يكبس سَاقهَا ورجلها وَكَذَا يحرم تَقْبِيل وَجههَا قَالَه الْقفال وَكَذَا لَا يجوز للرجل أَن يَأْمر ابْنَته أَو أُخْته أَن تكبس رجله وَلِهَذَا قَالَ القَاضِي حُسَيْن الْعَجَائِز اللَّاتِي يكحلن الرِّجَال يَوْم عَاشُورَاء مرتكبات الْحَرَام وَالله أعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute