طرق فَقيل إِن ثَبت الحَدِيث وَجب الْمهْر وَإِلَّا فَقَوْلَانِ وَقيل إِن لم يثبت فَلَا مهر وَقيل إِن ثَبت وَجب الْمهْر وَإِلَّا فَلَا يجب وَقيل قَولَانِ مُطلقًا وَهُوَ الْأَصَح وَبِه قطع الْعِرَاقِيُّونَ وَاخْتلفُوا فِي الْأَرْجَح من الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ الرَّافِعِيّ رجح صَاحب التَّقْرِيب وَالْمُتوَلِّيّ الْوُجُوب وَرجح الْعِرَاقِيُّونَ وَالْإِمَام وَالْبَغوِيّ وَالرُّويَانِيّ أَنه لَا يجب وَمُقْتَضَاهُ رُجْحَان الثَّانِي وَهُوَ أَنه لَا يجب وَصرح بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمُحَرر وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي الْمِنْهَاج الْأَظْهر وُجُوبه وَلَفظ الرَّوْضَة
قلت الرَّاجِح تَرْجِيح الْوُجُوب والْحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهم وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَالِاعْتِبَار بِمَا قيل فِي إِسْنَاده وَقِيَاسًا على الدُّخُول فَإِن الْمَوْت مُقَرر كالدخول وَلَا وَجه لِلْقَوْلِ الآخر مَعَ صِحَة الحَدِيث وَالله أعلم فَإِن أَوجَبْنَا مهر الْمثل فَهَل الِاعْتِبَار بِيَوْم العقد أم بِيَوْم الْمَوْت أم بأكثرهما فِيهِ أوجه لَيْسَ فِي الرَّافِعِيّ وَلَا فِي الرَّوْضَة تَرْجِيح وَالله أعلم وَلَو طَلقهَا قبل الدُّخُول وَالْفَرْض وَجَبت لَهَا الْمُتْعَة وَلَا تشطير تَفْرِيعا على الْأَظْهر أَنه لَا يجب بِالْعقدِ شَيْء فينحط الْأَمر إِلَى الْمُتْعَة لمَفْهُوم قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَخص سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التشطير بالمفروض
وَاعْلَم أَن مهر الْمثل هُوَ الْقدر الَّذِي يرغب بِهِ فِي أَمْثَال الْمَرْأَة وَلَكِن الرُّكْن الْأَعْظَم النّسَب فيراعى أقرب من ينْسب إِلَى من تنتسب إِلَيْهِ هَذِه الْمَرْأَة كالأخت ويرعى فِي نسَاء الْعَصَبَات قرب الدرجَة وَإِن متن وأقربهن الْأُخْت لِلْأَبَوَيْنِ ثمَّ لأَب ثمَّ بَنَات الْأُخوة لِلْأَبَوَيْنِ ثمَّ لأَب ثمَّ العمات كَذَلِك ثمَّ بَنَات الْأَعْمَام فَإِن تعذر نسَاء الْعَصَبَات اعْتبر بذوات الْأَرْحَام كالجدات والخالات وَيقدم الْقُرْبَى فالقربى من الْجِهَات وَكَذَا تقدم الْقُرْبَى فالقربى من الْجِهَة الْوَاحِدَة وَقد يتَعَذَّر ذَلِك إِمَّا بفقدهن أَو لِأَنَّهَا لم ينكحن أَو للْجَهْل بِمِقْدَار مهورهن وَحِينَئِذٍ فالاعتبار بِمِثْلِهَا من الأجنبيات وَتعْتَبر الْعَرَبيَّة بعربية مثلهَا وَالْأمة بِأمة مثلهَا وَينظر إِلَى شرف سَيِّدهَا وَعَدَمه وَيعْتَبر مهر الْمُعتقَة بمعتقة مثلهَا وَيعْتَبر مَعَ مَا ذكرنَا نسَاء الْبَلَد فَإِن كَانَ نسَاء عصباتها ببلدتين هِيَ فِي إِحْدَاهمَا اعْتبر بعصبات بَلَدهَا فَإِن كن كُلهنَّ ببلدة أُخْرَى فالاعتبار بِهن لَا بأجنبيات بَلَدهَا
قلت كَذَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وَهُوَ غير خَال عَن الأشكال وبالمثال بِظهْر الاشكال مِثَاله امْرَأَة فِي قَرْيَة من قرى مَدِينَة مثل تِلْكَ الْمَرْأَة فِي قريتها مَعَ ظُهُور الرَّغْبَة أَلفَانِ وَمهر أخواتها فِي الْمَدِينَة مِائَتَان فَكيف تمهر مَعَ الرَّغْبَة بالألفين فَإِن فرض تَسَاوِي البلدين فِي الْمهْر أَو حصل تفَاوت قريب سهل الْأَمر وَإِلَّا فالاشكال قوي فَيَنْبَغِي الْأَخْذ بِهِ وَالله أعلم وَاعْلَم أَنه تعْتَبر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute