للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَإِذا أَرَادَ السّفر أَقرع بَينهُنَّ وَيخرج بِالَّتِي تخرج لَهَا الْقرعَة)

الأَصْل فِي ذَلِك حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ السّفر أَقرع بَين نِسَائِهِ فأيتهن خرج سهمها خرج بهَا فَإِذا سَافر بِالْقُرْعَةِ لم يقْض مُدَّة الذّهاب والإياب وَالْإِقَامَة فِي الْبلدَانِ إِذا لم ينْو الْإِقَامَة بهَا مُدَّة تزيد على مُدَّة الْمُسَافِرين وَلَا امْتَدَّ مقَامه وَسَوَاء كَانَ السّفر طَويلا أَو قَصِيرا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سَافر بعائشة رَضِي الله عَنْهَا وَلم ينْقل أَنه قضى بعد عوده بل ظهر أَنه كَانَ يَدُور على النّوبَة بل رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه مَا كَانَ يقْضِي وَلِأَن المسافرة تحملت مشاق بِإِزَاءِ مقَام الزَّوْج مَعهَا فَلَو قضى لتوفر حَظّ المقيمات

وَاعْلَم أَن مُدَّة السّفر إِنَّمَا لَا تقضي بِشُرُوط

أَحدهَا أَن يقرع فَإِن لم يقرع قضى للمتخلفات وَيَقْضِي جَمِيع مُدَّة مَا بَين إنْشَاء السّفر إِلَى رُجُوعه إلَيْهِنَّ على الصَّحِيح

الشَّرْط الثَّانِي أَن لَا يقْصد بِسَفَرِهِ النقلَة فَإِن قصد النقلَة فَلَا يجوز أَن يستصحب فِيهِ بَعضهم دون بعض بِقرْعَة وَلَا بغَيْرهَا فَلَو فعل قضى للمتخلفات على الصَّحِيح وَقيل إِن أَقرع فَلَا يقْضِي مُدَّة السّفر وَلَا يجوز أَن يخلف نِسَاءَهُ بل ينقلهن بِنَفسِهِ أَو بوكيله أَو يُطَلِّقهُنَّ لما فِي تخلفهن من الْإِضْرَار بِهن قَالَ الرَّافِعِيّ كَذَا أطلقهُ الْغَزالِيّ وَفِيمَا علق عَن الإِمَام أَن ذَلِك أدب وَلَيْسَ بِوَاجِب

الشَّرْط الثَّالِث أَن لَا يعزم على الْإِقَامَة كَمَا تقدم فَلَا يقْضِي مُدَّة السّفر أما إِذا صَار مُقيما فَينْظر فَإِن انْتهى إِلَى مقْصده الَّذِي نوى فَإِن نوى إِقَامَة أَرْبَعَة أَيَّام فَأكْثر أَو نَوَاهَا عِنْد دُخُوله قضى مُدَّة إِقَامَته وَفِي مُدَّة الرُّجُوع وَجْهَان الصَّحِيح لَا يقْضِي كمدة الذّهاب وَإِن لم ينْو الْإِقَامَة وَأقَام قَالَ الإِمَام وَالْغَزالِيّ إِن أَقَامَ يَوْمًا لم يقضه وَالْأَقْرَب مَا ذكره الْبَغَوِيّ إِن زَاد مقَامه فِي بلد على مقَام الْمُسَافِرين وَجب قَضَاء الزَّائِد وَلَو أَقَامَ لشغل ينتظره فَفِي الْقَضَاء خلاف كالخلاف فِي التَّرَخُّص قَالَ الْمُتَوَلِي إِن قُلْنَا يترخص لم يقْض وَإِلَّا فَيَقْضِي مَا زَاد على مُدَّة الْمُسَافِرين وَالْمذهب فِي التَّرَخُّص أَنه إِن كَانَ يتَوَقَّع تَنْجِيز شغله سَاعَة بعد سَاعَة ترخص ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا وَإِن علم أَنه لَا يتنجر فِي أَرْبَعَة أَيَّام لم يترخص أصلا وَلَو استصحب وَاحِدَة بِقرْعَة ثمَّ عزم على الْإِقَامَة فِي بلد وَكتب إِلَى الْبَاقِيَات يستحضرهن فَفِي وجوب الْقَضَاء من وَقت كِتَابَته وَجْهَان حَكَاهَا الْبَغَوِيّ وَلم يرجح الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ فيهمَا شَيْئا وَلَو كَانَ تَحْتَهُ نسْوَة وَله إِمَاء هَل لَهُ أَن يُسَافر بِأمة بِلَا قرعَة وَجْهَان قَالَ الرَّافِعِيّ الْقيَاس الْجَوَاز وَقَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الصَّحِيح وَالله أعلم

<<  <   >  >>