وَلَا فرق فِي جَوَاز الْخلْع بَين أَن يخالع على الصَدَاق أَو على بعضه أَو على مَال آخر سَوَاء كَانَ أقل من الصَدَاق أَو أَكثر وَلَا فرق بَين الْعين وَالدّين وَالْمَنْفَعَة وضابطه أَن كل مَا جَازَ أَن يكون صَدَاقا جَازَ أَن يكون عوضا فِي الْخلْع لعُمُوم قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وَلِأَنَّهُ عقد على بضع فَأشبه النِّكَاح وَيشْتَرط فِي عوض الْخلْع أَن يكون مَعْلُوما متمولاً مَعَ سَائِر شُرُوط الأعواض كالقدرة على التَّسْلِيم واستقرار الْملك وَغير ذَلِك لِأَن الْخلْع عقد مُعَاوضَة فَأشبه البيع وَالصَّدَاق وَهَذَا صَحِيح فِي الْخلْع الصَّحِيح أما الْخلْع الْفَاسِد فَلَا يشْتَرط الْعلم بِهِ فَلَو خَالعهَا على مَجْهُول كَثوب غير معِين أَو على حمل هَذِه الدَّابَّة أَو خَالعهَا بِشَرْط فَاسد كَشَرط أَن لَا ينْفق عَلَيْهَا وَهِي حَامِل أَو لَا سُكْنى لَهَا أَو خَالعهَا بِأَلف إِلَى أجل مَجْهُول وَنَحْو ذَلِك بَانَتْ مِنْهُ فِي هَذِه الصُّورَة بِمهْر الْمثل أما حُصُول الْفرْقَة فَلِأَن الْخلْع إِمَّا فسخ أَو طَلَاق إِن كَانَ فسخا فَالنِّكَاح لَا يفْسد بِفساد الْعِوَض فَكَذَا فَسخه إِذْ الفسوخ تحكي الْعُقُود وَإِن كَانَ طَلَاقا فالطلاق يحصل بِلَا عوض وَمَاله حُصُول بِلَا عوض فَيحصل مَعَ فَسَاد الْعِوَض كَالنِّكَاحِ بل أولى لقُوَّة الطَّلَاق وسيراته وَأما الرُّجُوع إِلَى مهر الْمثل فَلِأَن قَضِيَّة فَسَاد الْعِوَض ارتداد الْعِوَض الآخر والبضع لَا يرْتَد بعد حُصُول الْفرْقَة فَوَجَبَ رد بدله كَمَا مر فِي فَسَاد الصَدَاق وَيُقَاس بِمَا ذكرنَا مَا يُشبههُ لِأَن مَا لم يكن ركنا فِي شَيْء لَا يضر الْجَهْل بِهِ كالصداق وَمن صور ذَلِك مَا لَو خَالعهَا على مَا فِي كفها وَلم يُعلمهُ فَإِنَّهَا تبين مِنْهُ بِمهْر الْمثل فَإِن لم يكن فِي كفها شَيْء فَفِي الْوَسِيط أَنه يَقع الطَّلَاق رَجْعِيًا وَالَّذِي نَقله غَيره أَنه يَقع بَائِنا بِمهْر الْمثل قَالَ الرَّافِعِيّ وَيُشبه أَن يكون الأول فِيمَا إِذا كَانَ عَالما بِالْحَال وَالثَّانِي فِيمَا إِذا ظن أَن فِي كفها شَيْئا قَالَ النَّوَوِيّ الْمَعْرُوف الَّذِي أطلقهُ الْجُمْهُور وُقُوعه بَائِنا بِمهْر الْمثل وَالله أعلم
وَاعْلَم أَن الْخلْع على مَا لَيْسَ بِمَال وَلَكِن قد يقْصد يَقع بِهِ الطَّلَاق بَائِنا بِمهْر الْمثل كَمَا لَو خَالعهَا على خمر أَو حر أَو مَغْصُوب بِخِلَاف مَا لَو خَالعهَا على دم فَإِنَّهُ يَقع الطَّلَاق رَجْعِيًا وَفرق بِأَن الدَّم لَا يقْصد بِحَال فَكَأَنَّهُ لم يطْمع فِي شَيْء وَالْخلْع على الْميتَة كَالْخمرِ لَا كَالدَّمِ لِأَنَّهَا قد تقصد للضَّرُورَة والجوارح وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن يَقع فِي ذكر الْخمر وَالْمَغْصُوب رَجْعِيًا لِأَن الْمَذْكُور لَيْسَ بِمَال فَلَا يظْهر طمعه فِي شَيْء وَالصَّحِيح أَنه يَقع بَائِنا بِمهْر الْمثل وَقطع بِهِ الْأَصْحَاب وَالْخلْع على مَا لَا يقدر على تَسْلِيمه وَمَا لم يتم الْملك عَلَيْهِ كالخلع على الْخمر وَلَو خَالعهَا على عين فَتلفت قبل الْقَبْض أَو خرجت مُسْتَحقَّة للْغَيْر أَو مَعِيبَة فَردهَا أَو فَاتَت مِنْهَا صفة مَشْرُوطَة فَردهَا رَجَعَ بِمهْر الْمثل فِي الْأَصَح وَقيل بِقِيمَة الْعين بِخِلَاف مَا لَو خَالعهَا على شَيْء مَوْصُوف فِي الذِّمَّة بِصِفَات مُعْتَبرَة فَأَعْطَتْهُ ذَلِك الشَّيْء فَبَان معيبا فَلهُ رده ويطالبها بسليم كَمَا فِي السّلم وَلَو قَالَ إِن أَعْطَيْتنِي ثوبا صفته كَذَا فَأَنت طَالِق فَأَعْطَتْهُ ثوبا بِتِلْكَ الصّفة طلقت فَإِن خرج معيبا فَرده رَجَعَ بِمهْر الْمثل على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute