الشَّرْط الثَّانِي أَن لَا يكون الِاسْتِثْنَاء مُسْتَغْرقا فَإِن استغرق فَهُوَ بَاطِل وَيَقَع الْجَمِيع وَالله أعلم
مِثَاله قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدًا أَو اثْنَتَيْنِ مُتَّصِلا مَعَ النِّيَّة الْمُعْتَبرَة لم يَقع الْمُسْتَثْنى فَإِن قَالَ إِلَّا ثَلَاثًا وَقع الثَّلَاث للإستغراق وَالله أعلم أما إِذا كَانَ الِاسْتِثْنَاء بِالْمَشِيئَةِ بِأَن قَالَ أَنْت طَالِق إِن شَاءَ الله فَينْظر إِن سبقت إِن شَاءَ الله إِلَى لِسَانه لتعوده لَهَا كَمَا هُوَ الْأَدَب أَو قصد التَّبَرُّك بِذكر الله تَعَالَى أَو قصد الْإِشَارَة إِلَى أَن الْأُمُور كلهَا بِمَشِيئَة الله أَو لم يقْصد تَعْلِيقا محققاً لم يُؤثر ذَلِك وَوَقع الطَّلَاق وَإِن قصد التَّعْلِيق حَقِيقَة لم تطلق على الْمَذْهَب لأمرين
أَحدهمَا وَهُوَ طَرِيق الْمُتَكَلِّمين أَنه يَقْتَضِي مَشِيئَة جَدِيدَة ومشيئة الله تَعَالَى قديمَة فَإِذا تَعَذَّرَتْ الصّفة لم تطلق
وَالثَّانِي وَهُوَ طَرِيق الْفُقَهَاء أَنا لم نتحقق وجود الْمَشِيئَة فَلم تطلق لِأَن الأَصْل بَقَاء النِّكَاح كَمَا لَو علق بِمَشِيئَة زيد فَمَاتَ وَلم تعلم مَشِيئَة فَإِنَّهَا لَا تطلق وَفِي الحَدِيث أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ من أعتق أَو طلق وَاسْتثنى فَلهُ ثنياه بِالْقِيَاسِ على غَيره من الشُّرُوط كَمَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق إِن شَاءَ أَبوك أَو أمك أَو شِئْت وَنَحْو ذَلِك وَلَا فرق فِي الِاسْتِثْنَاء بَين أَن يَقُول أَنْت طَالِق إِن شَاءَ الله أَو إِن شَاءَ الله فَأَنت طَالِق أَو مَتى شَاءَ الله أَو إِذا شَاءَ الله وَكَذَا لَو قَالَ إِن شَاءَ الله أَنْت طَالِق وَفِي هَذِه الصِّيغَة وَجه أَن يَقع
وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق أَن شَاءَ الله بِفَتْح الْهمزَة حكى فِي أصل الرَّوْضَة هُنَا ثَلَاثَة أوجه فَقَالَ وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق أَن شَاءَ الله بِفَتْح الْهمزَة وَقع فِي الْحَال وَفِي وَجه لَا يَقع وَفِي ثَالِث يفرق بَين عَارِف النَّحْو وَغَيره وَاخْتَارَهُ الرَّوْيَانِيّ وَمُقْتَضَاهُ وُقُوع الطَّلَاق على الصَّحِيح لكنه صحّح من زِيَادَته خلاف ذَلِك ذكره قبيل الْفَصْل الْمَعْقُود للتعليق بالجمل فَقَالَ هُنَاكَ فِي أصل الرَّوْضَة إِن الشّرطِيَّة بِكَسْر الْهمزَة فَإِن فتحت صَارَت للتَّعْلِيل فَإِذا قَالَ أَنْت طَالِق أَن لم أطلقك بِفَتْح الْهمزَة طلقت فِي الْحَال إِلَّا أَن يكون الرجل مِمَّن لَا يعرف اللُّغَة وَلَا يُمَيّز بَين إِن وَأَن وَقَالَ قصدت التَّعْلِيق فَيصدق وَقَالَ الرَّافِعِيّ وَهَذَا أشبه وَقَالَ النَّوَوِيّ من زِيَادَته إِن من لم يعرف اللُّغَة لَا يَقع عَلَيْهِ مُطلقًا وَيحمل على التَّعْلِيق قَالَ وَهُوَ الْأَصَح وَبِه قطع الْأَكْثَرُونَ وَالله أعلم انْتهى مُلَخصا وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق إِن لم يَشَأْ الله أَو إِذا لم يَشَأْ الله لم تطلق على الصَّحِيح الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق إِلَّا أَن يَشَاء الله تَعَالَى فَوَجْهَانِ أصَحهمَا فِي أصل الرَّوْضَة لَا يَقع الطَّلَاق كَمَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق إِن شَاءَ الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute