الدّين مُخْتَارًا طلقت امْرَأَة الْمَدْيُون سَوَاء كَانَ الْمَدْيُون مُخْتَارًا فِي الْإِعْطَاء أَو مكْرها وَسَوَاء أعطي بِنَفسِهِ أَو استسلفه صَاحب الدّين قَالَ الْبَغَوِيّ وَكَذَا لَو أَخذه الْحَاكِم وَدفعه إِلَى صَاحب الدّين وَفِي كتب الْعِرَاقِيّين لَا يَقع الطَّلَاق إِذا أَخذه الْحَاكِم وَدفعه إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا أَخذه الْحَاكِم بَرِئت ذمَّة الْمَدْيُون وَصَارَ الْمَأْخُوذ حَقًا لصَاحب الدّين فَلَا يبْقى لَهُ حق عَلَيْهِ وَلَا يصير بِأَخْذِهِ من الْحَاكِم آخِذا حَقه من الْمَدْيُون وَلَو قضى حَقه أَجْنَبِي قَالَ الدَّارمِيّ لَا تطلق لِأَنَّهُ بدل حَقه لَا حَقه بِنَفسِهِ وَلَو قَالَ إِن أخذت حَقك منى لم تطلق بِإِعْطَاء وَكيله وَلَا بِإِعْطَاء السُّلْطَان من مَاله فَإِن أكرهه السُّلْطَان حَتَّى أعْطى بِنَفسِهِ فعلى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُكْره وَلَو قَالَ إِن أَعطيتك حَقك فامرأتي طَالِق فَأعْطَاهُ بِاخْتِيَارِهِ طلقت سَوَاء كَانَ الْآخِذ مُخْتَارًا فِي الْأَخْذ أم لَا وَلَا تطلق بِإِعْطَاء الْوَكِيل وَالسُّلْطَان لِأَنَّهُ لم يُعْطه وَإِنَّمَا أعطَاهُ غَيره
قلت هَذَا صَحِيح حَيْثُ أَرَادَ أَن لَا يُعْطِيهِ بِنَفسِهِ أَو أطلق أما إِذا أَرَادَ بِإِعْطَاء عدم الْوَفَاء وَبَقَاء الْحق عَلَيْهِ فَيحنث بِإِعْطَاء الْوَكِيل وَالْحَاكِم لِأَنَّهُ غلط على نَفسه لِأَن صرف اللَّفْظ عَن حَقِيقَته إِلَى الْمَعْنى الْمجَازِي الصَّحِيح مُسْتَعْمل فَيعْمل بِهِ وَالله أعلم
وَمِنْهَا إِذا قَالَ إِن كلمتك فَأَنت طَالِق ثمَّ أَعَادَهُ طلقت وَكَذَا لَو قَالَ اعرفي ذَلِك طلقت لِأَنَّهُ كلمها وَلَو قَالَ إِن بدأتك بالْكلَام فَأَنت طَالِق أَو بِالسَّلَامِ فَأَنت طَالِق فبدأته لم تطلق وتنحل الْيَمين وَالله أعلم
وَمِنْهَا سُئِلَ القَاضِي حُسَيْن عَن امْرَأَة صعدت السَّطْح بالمفتاح فَقَالَ إِن لم تلق الْمِفْتَاح فَأَنت طَالِق فَلم تلقه وَنزلت بِهِ فَقَالَ لَا يَقع الطَّلَاق وَيحمل قَوْله إِن لم تلقه على التَّأْبِيد كَمَا قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن دخل عَلَيْهِ صديقه فَقَالَ تغذ معي فَامْتنعَ فَقَالَ إِن لم تتغد معي فامرأتي طَالِق فَلم يفعل لَا يَقع الطَّلَاق فَلَو تغدى بعد ذَلِك مَعَه وَإِن طَال الزَّمَان انْحَلَّت يَمِينه وَإِن نوى أَن يتَعَدَّى مَعَه فِي الْحَال فَامْتنعَ وَقع الطَّلَاق وَرَأى الْبَغَوِيّ حمل الْمُطلق على الْحَال لأجل الْعَادة وَسُئِلَ القَاضِي أَيْضا عَن رجل قَالَ لامْرَأَته إِن لم تبيعي هَذِه الدجاجات فَأَنت طَالِق فقتلت وَاحِدَة مِنْهُنَّ طلق لتعذر بيع الْجَمِيع وَإِن ذبحت وَاحِدَة وباعتهن مَعَ المذبوحة لم تطلق وَسُئِلَ عَمَّن قَالَ إِن قَرَأت سُورَة الْبَقَرَة فِي صَلَاة الصُّبْح فَأَنت طَالِق فقرأتها ثمَّ فَسدتْ صلَاتهَا فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة لم تطلق على الصَّحِيح لِأَن الصَّلَاة عبَادَة وَاحِدَة يفْسد أَولهَا بِفساد آخرهَا وَالله أعلم
وَمِنْهَا لَو قَالَ لزوجته إِن غسلت ثوبي فَأَنت طَالِق فغسلته أَجْنَبِيَّة ثمَّ غمسته زَوجته فِي المَاء تنظيفاً فَفِي فَتَاوَى القَاضِي حُسَيْن أَنَّهَا لَا تطلق لِأَن الْعرف فِي مثل هَذَا يغلب وَالْمرَاد بِالْعرْفِ الْغسْل بالصابون والأشنان وَنَحْوهمَا وَإِزَالَة الْوَسخ وَقَالَ غير القَاضِي إِن أَرَادَ الْغسْل من الْوَسخ لم تطلق وَإِن أَرَادَ التَّنْظِيف فَلَا حنث وَإِن أطلق فَلَا حنث هَذَا كَلَام الرَّوْضَة وَقَوله فَلَا حنث سَهْو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute