فِي نِكَاح وَاحِد أَو أَكثر سَوَاء كَانَ الطَّلَاق الثَّلَاث بِلَفْظ وَاحِد أَو أَكثر حرمت عَلَيْهِ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره ويطأها فِي الْفرج ويطلقها وتنقضي عدتهَا لقَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} أَي ثَلَاثَة {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} وَاعْلَم أَن النِّكَاح جَاءَ بِمَعْنى العقد فِي قَوْله {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} وَبِمَعْنى الْوَطْء فِي قَوْله تَعَالَى {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} وترجحت هُنَا إِرَادَة الْوَطْء بورود السّنة قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا جَاءَت امْرَأَة رِفَاعَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِنِّي كنت عِنْد رِفَاعَة فطلقني فَبت طَلَاقي فَتزوّجت بعده بِعَبْد الرَّحْمَن بن الزبير بِفَتْح الزَّاي وَإِن مَا مَعَه مثل هدبة الثَّوْب فَقَالَ عبد الرَّحْمَن كذبت يَا رَسُول الله وَالله إِنِّي لأعركها عَرك الْأَدِيم فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ تريدين أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَة لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتك وَأَرَادَ بِهِ الْوَطْء وَسميت عسيلة تَشْبِيها بالعسل ولأنا لَو لم نجْعَل الاصابة شرطا لَكَانَ التَّزْوِيج لأجل الْإِحْلَال لَا للاستمتاع وَالنِّكَاح إِنَّمَا يُرَاد الِاسْتِمْتَاع لَا للاحلال وَالله أعلم
(فرع) الْعدة تكون بِالْحملِ أَو الاقراء أَو الْأَشْهر فَإِذا ادَّعَت الْمُعْتَدَّة بِالْأَشْهرِ انْقِضَاء عدتهَا فَأنْكر الزَّوْج صدق بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ اخْتِلَاف فِي وَقت طَلَاقه وَأما عدَّة الْحَامِل فتنقضي بِوَضْع الْحمل التَّام الْمدَّة حَيا كَانَ أَو مَيتا أَو نَاقض الْأَعْضَاء وبانقضاء مَا ظهر فِيهِ صُورَة الْآدَمِيّ فَإِن لم يظْهر فَقَوْلَانِ فَإِذا ادَّعَت وضع حمل أَو سقط أَو مُضْغَة إِذا اكتفينا بهَا صدقت بِيَمِينِهَا وَقيل لَا بُد من بَيِّنَة وَأما الْمُعْتَدَّة بالإقراء فَإِن طلقت فِي الظّهْر حسبت بَقِيَّة الطُّهْر قرءاً وَإِن طلقت فِي الْحيض اشْترط مُضِيّ ثَلَاثَة أطهار كَامِلَة ثمَّ إِن لم يكن لَهَا عَادَة فِي الْحيض مُسْتَقِيمَة بِأَن لم تكن حَاضَت ثمَّ طَرَأَ حَيْضهَا أَو كَانَ لَهَا عَادَة مطردَة صدقت بِيَمِينِهَا إِذا ادَّعَت انْقِضَاء الإقراء الامكان فَإِن نكلت عَن الْيَمين حلف الزَّوْج وَكَانَ لَهُ الرّجْعَة وَإِن كَانَ لَهَا عَادَة مُسْتَقِيمَة صدقت فِي انْقِضَائِهَا على وفْق الْعَادة وَهل تصدق فِيمَا دونهَا مَعَ الامكان وَجْهَان أصَحهمَا عِنْد الْأَكْثَرين تصدق بِيَمِينِهَا لِأَن الْعَادة قد تَتَغَيَّر وَالله أعلم
(فرع) طلق زَوجته ثَلَاثًا ثمَّ غَابَ عَنْهَا ثمَّ حضر أَو لم يحضر وَادعت أَنَّهَا تزوجت بِزَوْج آخر أحلهَا أَو كَانَ قد مضى زمن يُمكن فِيهِ صدقهَا وَلم يَقع فِي قلبه صدقهَا كره لَهُ أَن يَتَزَوَّجهَا للِاحْتِيَاط وَلَا يحرم لاحْتِمَال صدقهَا ولتعذر الْبَيِّنَة على الْوَطْء وانقضاء الْعدة قَالَ الإِمَام وَكَيف لَا والأجنبية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute