اعْلَم أَن الزَّوْج لَا يجْبر على اللّعان بعد الْقَذْف بل لَهُ الِامْتِنَاع وَعَلِيهِ حد الْقَذْف كَالْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا الْمَرْأَة لَا تجبر على اللّعان بعد لِعَانه فَإِذا لَاعن الزَّوْج وأكمل اللّعان ترَتّب عَلَيْهِ أَحْكَام مِنْهَا سُقُوط الْحَد عَنهُ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة فَإِنَّهَا أَقَامَت اللّعان فِي حَقه مقَام الشَّهَادَة وَمِنْهَا وجوب الْحَد عَلَيْهَا إِذا قَذفهَا بزنا أَضَافَهُ إِلَى حَالَة الزَّوْجِيَّة وَكَانَت مسلمة لقَوْله تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} وَمِنْهَا حُصُول الْفرْقَة بَينهمَا وَهُوَ الَّذِي عبر الشَّيْخ عَنهُ بِزَوَال الْفراش وَهَذِه الْفرْقَة تحصل ظَاهرا وَبَاطنا سَوَاء صدقت أم صدق وَقيل إِن صدقت لم تحصل بَاطِنا وَالصَّحِيح الأول وَحجَّة ذَلِك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرق بَين رجل وَامْرَأَته تلاعنا فِي زَمَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَألْحق الْوَلَد بِالْأُمِّ رَوَاهُ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَمِنْهَا نفي الْوَلَد عَنهُ لحَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَمِنْهَا التَّحْرِيم بَينهمَا إِذا كَانَت الْبَيْنُونَة بِاللّعانِ على التَّأْبِيد لِأَن الْعجْلَاني قَالَ بعد اللّعان كذبت عَلَيْهَا إِن أَمْسَكتهَا هِيَ طَالِق ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا فنفى السَّبِيل مُطلقًا فَلَو لم يكن مُؤَبَّدًا لبين غَايَته كَمَا بَينهَا فِي الْمُطلقَة ثَلَاثًا وَرُوِيَ المتلاعنان لَا يَجْتَمِعَانِ أبدا وَلَو كَانَ قد أَبَانهَا قبل اللّعان ثمَّ لاعنها فَهَل تتأبد الْحُرْمَة وَجْهَان أصَحهمَا نعم ثمَّ هَذِه الْأَحْكَام تتَعَلَّق بِمُجَرَّد لعان الزَّوْج وَلَا يتَوَقَّف شَيْء مِنْهَا على لعانها وَلَا على قَضَاء القَاضِي وَلَو أَقَامَ بَيِّنَة بزناها لم تلاعن الْمَرْأَة لدفع الْحَد لِأَن اللّعان حجَّة ضَعِيفَة فَلَا يُقَاوم الْبَيِّنَة وَالله أعلم
(فرع) لَو كَانَت الْمُلَاعنَة أمة فملكها الزَّوْج فَفِي حل وَطئهَا طَرِيقَانِ وَالَّذِي قطع بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ الْمَنْع وَقيل فِيهَا الْخلاف فِيمَا إِذا طلق زَوجته الْأمة ثَلَاثًا ثمَّ ملكهَا هَل تحل لَهُ أم لَا الْأَصَح لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره ويطلقها بِشُرُوطِهِ لظَاهِر الْآيَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} وَقيل تحل لِأَن الطلقات الثَّلَاث لَا تمنع الْملك فَلَا تمنع الْوَطْء فِيهِ بِخِلَاف النِّكَاح الأول وَالله أعلم قَالَ
(وَيسْقط الْحَد عَنْهَا بِأَن تلاعن فَتَقول أشهد بِاللَّه أَن فلَانا هَذَا من الْكَاذِبين فِيمَا رماني بِهِ من الزِّنَا أَربع مَرَّات وَتقول فِي الْخَامِسَة بعد أَن يعظها الْحَاكِم وَعلي غضب الله إِن كَانَ من الصَّادِقين)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute