وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يحصل الِاسْتِبْرَاء بِالْوَضْعِ مُطلقًا وَأما حمل الزِّنَا فَفِي الِاكْتِفَاء بِوَضْعِهِ حَيْثُ يَكْتَفِي بثبات النّسَب وَجْهَان أصَحهمَا نعم وَإِن لم يكتف بِهِ وَرَأَتْ دَمًا وَهِي حَامِل وَقُلْنَا إِنَّه حيض كفى فِي الْأَصَح وَلَو ارتابت بِالْحملِ فِي مُدَّة الِاسْتِبْرَاء أَو بعده فَكَمَا فِي الْعدة وَاعْلَم أَن المرتابة الْحمل إِن كَانَ ارتيابها بعد انْقِضَاء عدتهَا سَوَاء كَانَت بالاقراء أَو الْأَشْهر يكره نِكَاحهَا والارتياب يحصل بارتفاع الْبَطن أَو حركته مَعَ ظُهُور الدَّم وَلَكِن شككنا هَل ثمَّ حمل أم لَا وَهل يَصح النِّكَاح قَولَانِ
أَحدهمَا يَصح لأَنا حكمنَا بِانْقِضَاء الْعدة فَلَا تنقضه بِالشَّكِّ كَمَا لَو حصلت الرِّيبَة بعد النِّكَاح وَهَذَا هُوَ الْأَصَح فعلى هَذَا لَو ولدت لدوّنَ سِتَّة أشهر من العقد تَبينا الْبطلَان وَقيل لَا يَصح العقد لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي أعدتها بِالْحملِ فَلم تنقض أم بِغَيْرِهِ فَلَا تنْكح مَعَ الشَّك كَمَا لَو ارتاب بذلك فِي أثْنَاء الْعدة وَالله أعلم
(فرع) مَذْكُور فِي الْعدَد لَو نكح شخص امْرَأَة حَامِلا من الزِّنَا صَحَّ نِكَاحه بِلَا خلاف وَهل لَهُ وَطْؤُهَا قبل الْوَضع وَجْهَان الْأَصَح نعم إِذْ لَا حُرْمَة لَهُ وَمنعه ابْن الْحداد وَالله أعلم قَالَ
(وَإِذا مَاتَ سيد أم الْوَلَد استبرأت نَفسهَا بِشَهْر كالأمة)
هَذَا هُوَ السَّبَب الثَّانِي مِمَّا يُوجب الِاسْتِبْرَاء وَهُوَ زَوَال الْفراش عَن مَوْطُوءَة بِملك يَمِين فَإِذا مَاتَ سيد عَن أم وَلَده وَلَيْسَت فِي زوجية وَلَا عدَّة نِكَاح لَزِمَهَا الِاسْتِبْرَاء لِأَنَّهُ زَالَ عَنْهَا الْفراش فَأَشْبَهت الْحرَّة وَيكون استبراؤها بِشَهْر إِن كَانَت من ذَوَات الْأَشْهر وَإِلَّا فبحيضة إِن كَانَت من ذَوَات الْأَقْرَاء كالمتملكة وَلَو أعْتقهَا فَالْأَمْر كَذَلِك وَكَذَا لَو أعتق أمته الَّتِي وَطئهَا لزوَال الْفراش وَلَو اسْتَبْرَأَ الْأمة الْمَوْطُوءَة ثمَّ أعْتقهَا قَالَ الْأَصْحَاب لَا اسْتِبْرَاء عَلَيْهَا وَلها أَن تتَزَوَّج فِي الْحَال وَلم يطردوا فِيهِ الْخلاف فِي الْمُسْتَوْلدَة لِأَن الْمُسْتَوْلدَة يشبه فراشها فرَاش النِّكَاح وَالأَصَح فِي الْمُسْتَوْلدَة أَنه إِن استبرأها ثمَّ أعْتقهَا أَنه يجب استبراؤها وَلَو لم تكن الْأمة مَوْطُوءَة لم يكن فراشا وَلَا يجب الِاسْتِبْرَاء بإعتاقها وَلَو أعتق مُسْتَوْلدَة وَأَرَادَ أَن يَتَزَوَّجهَا قبل تَمام الِاسْتِبْرَاء جَازَ على الْأَصَح كَمَا يتَزَوَّج الْمُعْتَدَّة مِنْهُ بِنِكَاح أَو وَطْء شُبْهَة وَالله أعلم
(فرع) لَا يجوز تَزْوِيج الْأمة الْمَوْطُوءَة قبل الِاسْتِبْرَاء بِخِلَاف بيعهَا لِأَن مَقْصُود النِّكَاح الْوَطْء فَيَنْبَغِي أَن يستعقب الْحل وَإِن استبرأها ثمَّ أعْتقهَا فَهَل يجوز تَزْوِيجهَا فِي الْحَال أم يحْتَاج إِلَى اسْتِبْرَاء جَدِيد زجهان يَعْنِي أم الْوَلَد أصَحهمَا يجب الِاسْتِبْرَاء وَكَلَام الرَّوْضَة هَذَا يُوهم أَن الْوَجْهَيْنِ فِي الْأمة لَا فِي أم الْوَلَد فاعرفه وَلَو اشْترى أمة وَأَرَادَ تَزْوِيجهَا قبل الِاسْتِبْرَاء فَإِن كَانَ البَائِع قد وَطئهَا لم يجز إِلَّا أَن يُزَوّجهَا بِهِ وَإِن لم يكن وَطئهَا البَائِع أَو كَانَ قد وَطئهَا واستبرأها قبل البيع أَو كَانَ الِانْتِقَال من امْرَأَة وَصبي جَازَ تَزْوِيجهَا فِي الْحَال على الْأَصَح كَمَا يجوز للْبَائِع تَزْوِيجهَا بعد الِاسْتِبْرَاء وَقيل لَا يجوز لَهُ كَمَا لَا يجوز لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا والقائلون بالأصح يلْزمهُم الْفرق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute