وَجَبت قيمتهَا بَالِغَة مَا بلغت على الْأَظْهر لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يقوم الْإِبِل على أهل الْقرى فَإِذا غلت رفع قيمتهَا وَإِذا هَانَتْ نقص من قيمتهَا وَلِأَن الْإِبِل بدل متْلف فَرجع إِلَى قِيمَته عِنْد إعواز أَصله هَذَا هُوَ الْجَدِيد وَفِي الْقَدِيم تجب ألف دِينَار على أهل الذَّهَب أَو اثْنَا عشر ألف دِرْهَم على أهل الْوَرق لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كتب إِلَى أهل الْيمن إِن على أهل الذَّهَب ألف دِينَار وعَلى أهل الْوَرق اثْنَا عشر ألف دِرْهَم فعلى الْقَدِيم يُزَاد فِي التَّغْلِيظ قدر الثُّلُث أَي ثلث الدِّيَة لفعل عمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا فَإِن تعدد بِسَبَب التَّغْلِيظ بِأَن قتل محرما بِفَتْح الرَّاء فِي الْحرم فَفِي التَّعَدُّد خلاف الرَّاجِح لَا تعدد وَالله أعلم قَالَ
(وتغلظ دِيَة الْخَطَإِ فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع إِذا قتل فِي الْحرم أَو فِي الاشهر الْحرم أَو قتل ذَا رحم)
قد تقدم أَن دِيَة الْخَطَأ مُخَفّفَة من ثَلَاثَة أوجه كَونهَا مخمسة وَكَونهَا على الْعَاقِلَة وَكَونهَا مُؤَجّلَة وَقد يطْرَأ مَا يُوجب التَّغْلِيظ فَإِذا قتل خطأ فِي حرم مَكَّة دون حرم الْمَدِينَة أَو فِي الْأَشْهر الْحرم وَهِي ذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم وَرَجَب أَو قتل ذَا رحم أَي محرم دون مَا إِذا قتل ذَا رحم غير محرم فَإِنَّهُ لَا تَغْلِيظ فِي الْأَصَح وَكَذَا بمحرمية الرَّضَاع والمصاهرة لَا تَغْلِيظ قطعا وَوَجَبَت الدِّيَة مُغَلّظَة وَالدَّلِيل على التَّغْلِيظ بِهَذِهِ الْأَسْبَاب أَن الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم غلظوا بهَا وَادّعى الاشتهار بذلك وَحُصُول الِاتِّفَاق أما عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَقَالَ من قتل فِي الْمحرم أَو ذَا رحم أَو فِي الْأَشْهر الْحرم فَعَلَيهِ دِيَة وَثلث وَقضى عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي امْرَأَة وطِئت فِي الطّواف بديتها سِتَّة آلَاف دِرْهَم وألفين تَغْلِيظًا لأجل الْحرم وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا قتل رجلا فِي الشَّهْر الْحَرَام وَفِي الْبَلَد الْحَرَام فَقَالَ دِيَته اثْنَا عشر ألف دِرْهَم وللشهر الْحَرَام أَرْبَعَة آلَاف وللبلد الْحَرَام أَرْبَعَة آلَاف وَلم يُنكر ذَلِك أحد من الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَهَذِه الْأُمُور لَا تدْرك بِالِاجْتِهَادِ بل بالتوقيف من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَاعْلَم أَن الشَّيْخ قَالَ وتغلظ وَلم يذكر كَيْفيَّة التَّغْلِيظ قَالَ الرَّافِعِيّ تكون مُغَلّظَة بِاعْتِبَار التَّثْلِيث فَتجب على الْعَاقِلَة ومؤجلة ومثلثة كدية شبه الْعمد والتغليظ بِاعْتِبَار التَّثْلِيث يرجع إِلَى الصّفة وَالسّن دون الْعدَد وَقَضَاء الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم يرجع إِلَى الزِّيَادَة على الْقدر وَالِاسْتِدْلَال