طلب المَاء لقَوْله تَعَالَى {فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا} أمرنَا بِالتَّيَمُّمِ عِنْد عدم الوجدان وَلَا يعلم عَدمه إِلَّا بِالطَّلَبِ وَيشْتَرط فِي الطّلب أَن يكون بعد دُخُول ى الْوَقْت لِأَنَّهُ وَقت الضَّرُورَة وَله أَن يطْلب بِنَفسِهِ وَكَذَا يَكْفِيهِ طلب من أذن لَهُ على الصَّحِيح قلت أَن يشْتَرط أَن يكون موثوقاً بِهِ فِي الطّلب وَالله أعلم وَلَا يَكْفِي طلب من لم يَأْذَن لَهُ بِلَا خلاف وَكَيْفِيَّة الطّلب أَن يفتش رَحْله لاحْتِمَال أَن يكون فِي الرحل مَاء وَهُوَ لَا يشْعر بِهِ فَإِن لم يجد نظر يَمِينا وَشمَالًا وأماماً وخلفاً إِن اسْتَوَى مَوْضِعه ويخص مَوَاضِع الخضرة واجتماع الطير بمزيد احْتِيَاط فَإِن لم يستو الْموضع نظر إِن خَافَ على نَفسه أَو مَاله لَو تردد لم يجب التَّرَدُّد لِأَن هَذَا الْخَوْف يُبِيح لَهُ التَّيَمُّم عِنْد تَيَقّن المَاء فَعِنْدَ التَّوَهُّم أولى فَإِن لم يخف وَجب عَلَيْهِ التَّرَدُّد إِلَى حد يلْحق غوث الرفاق مَعَ مَا هم عَلَيْهِ من التشاغل بشغلهم والتفاوض فِي أَقْوَالهم وَيخْتَلف ذَلِك باستواء الأَرْض واختلافها صعُودًا وهبوطاً فَإِن كَانَ مَعَه رفْقَة وَجب سُؤَالهمْ إِلَى أَن يستوعبهم أَو يضيق الْوَقْت فَلَا يبْقى إِلَّا مَا يسع الصَّلَاة على الرَّاجِح وَقيل يسوعبهم وَلَو خرج الْوَقْت وَلَا يجب أَن يطْلب من كل وَاحِد من الرّفْقَة بِعَيْنِه بل يَكْفِي أَن يُنَادي فيهم من مَعَه مَاء من يجود بِالْمَاءِ وَنَحْوه وَلَو بعث النازلون ثِقَة يطْلب لَهُم كفاهم كلهم ثمَّ مَتى عرف مَعَهم مَاء وَجب عَلَيْهِ طلبه وَلَو كَانَ على وَجه الْهِبَة على الرَّاجِح وَلَو أعير الدَّلْو وَجب قبُوله وَلَو أقْرض المَاء وَجب قبُوله على الصَّحِيح وَيجب عَلَيْهِ أَن يَشْتَرِي مَاء الْوضُوء وَالْغسْل وَيصرف إِلَيْهِ أَي نوع كَانَ مَعَه من المَاء إِلَّا أَن يحْتَاج إِلَى الثّمن لمؤنة من مُؤَن سَفَره فِي ذهَاب وإيابه فَلَا يجب الشِّرَاء حِينَئِذٍ وَلَا يجب عَلَيْهِ أَن يَشْتَرِيهِ بِزِيَادَة على ثمن مثله وَإِن قلت الزِّيَادَة على الرَّاجِح وَلَو لم يعره أحد آلَة الاستقاء إِلَّا بِالْأُجْرَةِ وَجب عَلَيْهِ إِجَارَتهَا بِأُجْرَة الْمثل وَلَو قدر على أَن يُدْلِي عمَامَته فِي الْبِئْر ويعصرها وَجب عَلَيْهِ ذَلِك فَلَو لم تصل إِلَى المَاء وَأمكن شقها شقها وَشد بَعْضهَا بِبَعْض لتصل لزمَه ذَلِك إِذا لم يحصل فِي الثَّوْب نقص يزِيد على ثمن المَاء أَو أُجْرَة الْحَبل وَفِي ضبط ثمن الْمثل أوجه الرَّاجِح ثمنه فِي ذَلِك الْموضع وَتلك الْحَالة وَقَوله وَتعذر اسْتِعْمَاله يَشْمَل أَنْوَاع أَسبَاب إِبَاحَة التَّيَمُّم وَقد مر ذكر السّفر وَالْمَرَض وَمن أَسبَاب الْإِبَاحَة أَيْضا مَا إِذا كَانَ بِقُرْبِهِ مَاء وَيخَاف لَو سعى إِلَيْهِ على نَفسه من سبع أَو عَدو عِنْد المَاء أَو يخَاف على مَاله الَّذِي مَعَه أَو المخلف فِي رَحْله من غَاصِب أَو سَارِق وَإِن كَانَ فِي سفينة لَو استقى اسْتلْقى فِي الْبَحْر فَلهُ التَّيَمُّم فِي ذَلِك كُله وَلَو خَافَ الِانْقِطَاع عَن الرّفْقَة إِن كَانَ عَلَيْهِ ضَرَر لَو قصد المَاء فَلهُ التَّيَمُّم قطعا وَإِن لم يكن عَلَيْهِ ضَرَر فخلاف الرَّاجِح أَن لَهُ أَن يتَيَمَّم للوحشة وَمن أَسبَاب إِبَاحَة التَّيَمُّم الْحَاجة إِلَى الْعَطش إِمَّا لعطشه أَو عَطش رَفِيقه أَو عَطش حَيَوَان مُحْتَرم فِي الْحَال أَو فِي الْمُسْتَقْبل وَلَو مَاتَ رجل وَله مَاء ورفقته عطاش شربوه ويمموه وَوَجَب عَلَيْهِم ثمنه وَجعله فِي مِيرَاثه وثمنه قِيمَته فِي مَوضِع الْإِتْلَاف فِي وقته وَمن الْأَسْبَاب عدم اسْتِعْمَاله لأجل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute