لَا صَحَّ إِلَّا من الإِمَام أَو مِمَّن فوض إِلَيْهِ الإِمَام لِأَنَّهُ من الْمصَالح الْعِظَام فاختص بِمن لَهُ النّظر الْعَام إِذا عرفت هَذِه فَيشْتَرط فِي الْمَعْقُود لَهُ شُرُوط
أَحدهَا الْبلُوغ
وَالثَّانِي الْعقل فَلَا تعقد الْجِزْيَة لصبي وَلَا مَجْنُون لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِمعَاذ لما بَعثه إِلَى الْيمن أَن يَأْخُذ الْجِزْيَة من كل حالم أَي محتلم دِينَارا فَدلَّ مَفْهُومه على الْمَنْع فِي الصَّبِي وَمن طَرِيق الأولى الْمَجْنُون وَفِي الْمَجْنُون وَجه كَالْمَرِيضِ وَلِأَن الصَّبِي وَالْمَجْنُون محقونا الدَّم وَمَال من الْأَمْوَال بِدَلِيل ملكهمَا بِنَفس الْأسر كَمَا تقدم فَلم يجب عَلَيْهِمَا شَيْء بِالسُّكْنَى كَسَائِر الْأَمْوَال وَالله أعلم
الثَّالِث الْحُرِّيَّة فَلَا تُؤْخَذ الْجِزْيَة من عبد وَلَا على سَيّده شَيْء لقَوْله عمر رَضِي الله عَنهُ لَا جِزْيَة على مَمْلُوك وَعَزاهُ الْمَاوَرْدِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلِأَنَّهُ مَال وَالْمَال لَا جِزْيَة عَلَيْهِ وَالْمُدبر وَالْمكَاتب وَأم الْوَلَد وَولد أم الْوَلَد التَّابِع لَهَا كالقن وَكَذَا الْمبعض على الرَّاجِح وَقيل تجب بِقدر مَا فِيهِ من الْحُرِّيَّة وَالله أعلم
الرَّابِع الذُّكُورَة فَلَا تُؤْخَذ من امْرَأَة لقَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الْآيَة فَلَا تدخل الْمَرْأَة فِي ذَلِك وَلِأَن عمر رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى أُمَرَاء الأجناد أَن اضربوا الْجِزْيَة وَلَا تضربوها على النِّسَاء وَالصبيان وَلِأَن الْمَرْأَة محقونة الدَّم وَمَال من الْأَمْوَال وَلَا جِزْيَة على مَال وَلَا فرق فِي الْمَرْأَة بَين أَن تكون زَوْجَة لذِمِّيّ أَو استتبعها مَعَه فِي العقد أم لَا وَسَوَاء ولدت فِي دَارنَا أَو كَانَت فِي دَار الْحَرْب وَطلبت الذِّمَّة لتقيم بِدَارِنَا فَيجوز أَن يعْقد لَهَا بِشَرْط أَن تجْرِي عَلَيْهِمَا أحكامنا من غير جِزْيَة وَالله أعلم
الْخَامِس أَن يكون الْمَعْقُول لَهُ لَهُ كتاب أَو شبه كتاب أما من لَا كتاب لَهُ وَلَا شبه كتاب كعبدة الْأَوْثَان وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَمن فِي معناهم وَالْمُرْتَدّ فَلَا يعْقد لَهُ لِأَن الله تَعَالَى أَمر بقتل جَمِيع الْمُشْركين إِلَى أَن يسلمُوا بقوله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وَخص أهل الْكتاب بِالْآيَةِ الآخرى وَمن لَهُ شبه كتاب وَهُوَ الْمَجُوسِيّ بالْخبر فَبَقيَ الحكم فِيمَا عدا الْمَذْكُورين