للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والشاهين والباز لقَوْله تَعَالَى {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الْآيَة قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا الْجَوَارِح الْكلاب والطيور المعلمة مُشْتَقَّة من الْجرْح وَهُوَ الْكسْب لكسب أَهلهَا بهَا وَمِنْه {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} أَي كسبتم وَقيل من الْجراحَة وَقَوله مُكَلِّبِينَ قيل من التكليب وَهُوَ الإغراء وَقيل من التضرية يُقَال تكلب إِذا ضرى ورد عَنهُ عدي بن حَاتِم قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد صيد الباز فَقَالَ مَا أمسك عَلَيْك فَكل ورد عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أرْسلت كلبك فاذكر اسْم الله فَإِن أمسك عَلَيْك فَأَدْرَكته حَيا فاذبحه وَإِن أَدْرَكته قد قتل وَلم يَأْكُل مِنْهُ فَكل وَقيل لَا يحل صيد الْكَلْب الْأسود البهيم لأَمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتْله وَالْمذهب الأول وَالْخَبَر مَحْمُول على غير الْمعلم أَو الْعَقُور

وَاعْلَم أَن المُرَاد بِجَوَاز الِاصْطِيَاد بهَا أَن مَا أَخَذته وجرحته وأدركه صَاحبهَا مَيتا أَو فِي حَرَكَة مَذْبُوح أَنه يحل أكله وَيقوم إرْسَال الصَّائِد وجرح الْجَارِح فِي أَي مَوضِع كَانَ مقَام الذّبْح وَيشْتَرط فِي كَون الْكَلْب معلما أُمُور مِنْهَا أَن يكون بِحَيْثُ أَن يسترسل بإرساله وَمَعْنَاهُ أَنه إِذا أغراه بالصيد هاج وَمِنْهَا أَن يكون بِحَيْثُ إِذا زَجره انزجر وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَب وَمِنْهَا أَنه إِذا أمْسكهُ لم يَأْكُل مِنْهُ على الْمَشْهُور ويحسبه على صَاحبه وَلَا يخليه

ثمَّ هَذِه الْأُمُور يشْتَرط تكررها فِي التَّعْلِيم ليغلب على الظَّن تأدب الْجَارِحَة وَالرُّجُوع فِي عدد ذَلِك إِلَى أهل الْخِبْرَة على الصَّحِيح وَقيل يشْتَرط تكَرر ذَلِك ثَلَاثًا وَقيل مرَّتَيْنِ وَلَو ظهر أَنه معلم ثمَّ أكل من صيد قبل قَتله أَو بعده فَفِي حل ذَلِك الصَّيْد قَولَانِ الْأَظْهر لَا يحل قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وددت لَو فصل مفصل بَين أَن يكف زمَان لم يَأْكُل وَبَين أَن يَأْكُل بِنَفس الْأكل لَكِن لم يتَعَرَّضُوا لَهُ كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الإِمَام قَالَ النَّوَوِيّ وَقد فصل الجرحاني وَغَيره فَقَالُوا إِن أكل عقب الْقَتْل فَفِيهِ الْقَوْلَانِ وَإِلَّا فَيحل قطعا وَالله أعلم وَإِذا قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ فَلَا بُد من اسْتِئْنَاف التَّعْلِيم وَلَا يَنْعَطِف التَّحْرِيم على مَا اصطاده من قبل وَلَو أكل حَشْو الصَّيْد فَفِيهِ قَولَانِ قيل لَا يضر لِأَنَّهَا غير مَقْصُودَة وَالصَّحِيح أَنه على الْقَوْلَيْنِ فِي الْأكل من اللَّحْم وَلَو لعق الدَّم لم يضر على الْمَذْهَب وَلَو أَرَادَ الصَّائِد أَخذ الصَّيْد مِنْهُ فَامْتنعَ وَصَارَ يضارب وَيُقَاتل دونه فَهُوَ كَالْأَكْلِ قَالَه الْقفال وَالله أعلم

<<  <   >  >>