للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعَلى كل حَال فَيشْتَرط فيهم شُرُوط مِنْهَا أَن يَكُونُوا قريبين من الْبِلَاد والأرياف دون أهل الْبَوَادِي والمواضع المنقطعة فَإِنَّهُم يَأْكُلُون مَا دب ودرج وَمِنْهَا أَن يَكُونُوا ذَوي طباع سليمَة وَمِنْهَا أَن يستطيبوا الْحَيَوَان فِي حَال الرخَاء دون حَالَة الْقَحْط فَإِن استطابه الْبَعْض واستخبثه الْبَعْض اعْتبر بِالْأَكْثَرِ فَإِن اسْتَووا رجح بِقُرَيْش قَالَه الْعَبَّادِيّ وَغَيره فَإِن اخْتلفت قُرَيْش أَو لم يحكموا بِشَيْء رَجَعَ إِلَى شَبيه الْحَيَوَان فِي صورته أَو طعم لَحْمه أَو طبعه من السَّلامَة والعدوان فَإِن اسْتَوَى الشبهان أَو لم يُوجد مَا يُشبههُ فَالْأَصَحّ الْحل وَقيل يحرم وبناهما الْمَاوَرْدِيّ على الْخلاف فِي أَن الِاعْتِبَار قبل الشَّرْع فِي الْأَشْيَاء هَل هِيَ على الْإِبَاحَة أَو الْحَظْر وَلَو وجدنَا حَيَوَانا وَتعذر معرفَة حكمه من شرعنا وَثَبت تَحْرِيمه فِي شرع من قبلنَا فَهَل يستصحب تَحْرِيمه قَولَانِ الْأَزْهَر لَا وَإِنَّمَا يثبت أَنه شرع من قبلنَا بِالْكتاب أَو السّنة أَو بعد أَن أسلم مِنْهُم أنَاس عارفون بالتنزيل

إِذا عرفت هَذَا فَلَا بُد من ذكر نبذة مِمَّا يستطاب وَمِمَّا يستخبث أما المستطاب فكثير مَعَ اخْتِلَاف أَنْوَاعه وَهُوَ أنسي وَوَحْشِي فَمن الْإِنْسِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وحلها بِالْإِجْمَاع بعد قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} وَقَوله {وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} وَمِنْهَا الْخَيل لما روى

جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم خَيْبَر عَن لُحُوم الْحمر وَأذن فِي لُحُوم الْخَيل وَفِي رِوَايَة نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحمير وَالْبِغَال وَلم ينهنا عَن الْخَيل وَالله أعلم

وَيحل من دَوَاب الْوَحْش الْبَقر لِأَنَّهَا من الطَّيِّبَات وَيَسْتَوِي فِي ذَلِك الْإِبِل والوعل وَكَذَا جَمِيع كباش الْجَبَل وغنمه وَكَذَا الْحمار لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أكل مِنْهُ وَلَا فرق بَين المتوحش والمستأنس كَمَا لَا يحل الْحمار الأهلي فِي الْحَالين والظبي والضبع والثعلب والأرنب واليربوع والقنفذ والوبر وَابْن عرس لِأَنَّهَا مستطابة وَفِي بَعْضهَا خلاف وَكَذَا يحل الضَّب لِأَنَّهُ أكل بِحَضْرَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلِهَذَا تَتِمَّة تَأتي إِن شَاءَ الله تَعَالَى

وَأما مَا يستخبث فكثير جدا مِنْهَا الْحَيَّات والعقارب والخنافس وَنَحْوهَا كالقراد وَالْقمل وَنَحْو ذَلِك لِأَنَّهَا من الْخَبَائِث قَالَ الله تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِم الْخَبَائِث} وَالله أعلم قَالَ

(وَيحرم من السبَاع مَاله نَاب قوي يعدو بِهِ وَيحرم من الطُّيُور مَاله مخلب قوي يجرح بِهِ)

<<  <   >  >>