يستر الْبذر وَمِنْه الْكَافِر لِأَنَّهُ يُغطي نعْمَة الله تَعَالَى لَا يحصي ثَنَاء على الله تَعَالَى هُوَ كَمَا أثنى على نَفسه فَإِذا حلف الشَّخْص وَحنث وَجَبت الْكَفَّارَة لقَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} إِلَى قَوْله {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} أَي وحنثتم وَفِي سَبَب وُجُوبهَا خلاف الصَّحِيح أَنه الْيَمين والحنث مَعًا ثمَّ كَفَّارَة الْيَمين أَولهَا تَخْيِير وَآخِرهَا تَرْتِيب فَيتَخَيَّر أَولا بَين الْخِصَال الثَّلَاث الَّتِي ذكرهَا الشَّيْخ لقَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} فَلَا يجوز أَن يطعم خَمْسَة ويكسو خَمْسَة كَمَا لَا يجوز أَن يعْتق نصف رَقَبَة وَيطْعم خَمْسَة لِأَن الله تَعَالَى إِنَّمَا خير بَين ثَلَاثَة أَشْيَاء فَلَو جَوَّزنَا إِخْرَاج جِنْسَيْنِ لأثبتنا تخييراً رَابِعا فَإِن أَرَادَ اعتاق رَقَبَة أعتق رَقَبَة كَمَا فِي الظِّهَار وَالْجَامِع التَّكْفِير وَإِن أَرَادَ الْإِطْعَام أطْعم كل مِسْكين رطلا وَثلثا لِأَنَّهُ سداد الرَّغِيف وكفاية المقتصد وَنِهَايَة الزهيد وَإِن أَرَادَ الْكسْوَة دفع إِلَى كل مِسْكين مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم الْكسْوَة من قَمِيص وَسَرَاويل ومئزر بِالْهَمْز وَهُوَ الازار الَّذِي يتزر بِهِ الْمحرم وَمثل ذَلِك الْعِمَامَة والجبة والمقنعة والخمار والكساء لِأَن الشَّرْع أطلق الْكسْوَة وَلَا عرف لَهُ فِيهَا وَلَا يجب لكل مِسْكين بدلة اتِّفَاقًا فَاكْتفى بِمَا ينْطَلق عَلَيْهِ الِاسْم وَهُوَ الصَّحِيح وَقيل يَكْفِي ستر الْعَوْرَة وَهل يشْتَرط تمكن الْآخِذ من لبسه حَتَّى لَا يَجْزِي دفع ثوب طِفْل لكبير فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا لَا يشْتَرط كَمَا يجوز أَن يدْفع ثوب الرجل إِلَى الْمَرْأَة وَبِالْعَكْسِ وَلَا يشْتَرط أَن يكون مخيطاً وَالله أعلم
(فرع) أعْطى عشرَة ثوبا طَويلا هَل يَكْفِي قَالَه الْمَاوَرْدِيّ إِن أَعْطَاهُم بعد قطعه أجرأه أَو قبل فَلَا لِأَنَّهُ ثوب وَاحِد وَالله أعلم وَلَا تُجزئ القلنسوة أَي الطاقية على الْأَصَح وَلَا الْغَزل قبل النسج وَلَا الْبسط وَلَا الانطاع وَيجْزِي مَا يلبس من الْجُلُود واللبود وَلَا يجزى الْخُف والمكعب والتبان وَلَا يجزى الثَّوْب الْبَالِي كَمَا لَا يجزى الطَّعَام المسوس وَالْعَبْد الزَّمن وَالله أعلم فَإِن لم يجد المَال الَّذِي يصرفهُ فِي الْكَفَّارَة كفر بِالصَّوْمِ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة قَالَ الْبَنْدَنِيجِيّ والمحاملي وَالْمرَاد من يفضل عَن كِفَايَته على الْأَبَد وَقَالَ ابْن الصّباغ والرافعي المُرَاد من لَهُ الْأَخْذ من الزَّكَاة بِصفة الْفقر والمسكنة أَو من الْكَفَّارَة فَلهُ الصَّوْم حَتَّى لَو ملك نِصَابا وَلَا تحصل بِهِ الْكَفَّارَة لَزِمته الزَّكَاة لَهُ الصَّوْم لأَنا لَو أسقطنا الزَّكَاة عَنهُ لخلا النّصاب عَنْهَا وَهنا ينْتَقل إِلَى الْبَدَل وَهُوَ الصَّوْم وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوص وَفِي الْحَاوِي للماوردي لَا يَصُوم من فضلت الْكَفَّارَة عَن كِفَايَة وقته لقدرته على المَال وَإِن حل لَهُ أَخذ الزَّكَاة وَأبْدى الرَّافِعِيّ احْتِمَالا أَن يكون فَاضلا عَن كِفَايَة سنة وَهَذَا الِاحْتِمَال صرح بِهِ الْبَغَوِيّ وَيجوز صَوْم الثَّلَاثَة مُتَفَرِّقَة على الرَّاجِح لاطلاق الْآيَة الْكَرِيمَة وَوجه التَّتَابُع قِرَاءَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute