الِانْتِفَاع بالدابة فَلَو تداعيا عبدا لأَحَدهمَا عَلَيْهِ ثوب لم يحكم لَهُ بِالْعَبدِ وَالْفرق أَن كَون الْحمل على الدَّابَّة انْتِفَاع بِهِ فيده عَلَيْهَا وَالْمَنْفَعَة فِي لبس الثَّوْب للْعَبد لَا لصَاحب الثَّوْب فَلَا يدله قَالَه الْبَغَوِيّ وَلَو تداعيا دَابَّة حَامِلا واتفقا على أَن الْحمل لأَحَدهمَا فَهِيَ لصَاحب الْحمل وَلَو تداعيا دَابَّة ثَلَاثَة وَاحِد سائقها وَالْآخر آخذ بزمامها وَالْآخر راكبها فَالْقَوْل قَول الرَّاكِب لوُجُود الِانْتِفَاع فِي حَقه هَذَا هُوَ الصَّحِيح بِخِلَاف مَا إِذا تنَازع اثْنَان جداراً وَعَلِيهِ جُذُوع لأَحَدهمَا فَإِنَّهُ بَينهمَا ينتفعان بِهِ وَإِن امتاز صَاحب الْجُذُوع بِزِيَادَة كَمَا لَو كَانَ فِي دَار ولأحدهما فِيهَا مَتَاع فَإِنَّهَا بَينهمَا وَلَو تنَازع اثْنَان دَابَّة فِي اصطبل أَحدهمَا ويدهما عَلَيْهَا فَهِيَ لَهما إِن كَانَ فِيهِ دَوَاب لغير مَالِكه وَإِلَّا فَهِيَ لصَاحب الاصطبل فَلَو تنَازعا عِمَامَة فِي يَد أَحدهمَا عشرهَا وَفِي يَد الآخر بَاقِيهَا حلفا وَجعلت بَينهمَا كَمَا لَو كَانَ أَحدهمَا فِي صحن الدَّار وَالْآخر فِي دهليزها أَو على سطحها وَلَو كَانَ غير محوط فَإِنَّهَا لَهما قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَلَو تنَازعا شَيْئا فِي ظرف وَيَد أَحدهمَا على الشَّيْء وَيَد الآخر على الظّرْف اخْتصَّ كل مِنْهُمَا بِمَا فِي يَده لانفصال أَحدهمَا عَن الآخر بِخِلَاف مَا لَو تنَازعا عبدا وَيَد أَحدهمَا عَلَيْهِ وَيَد الآخر على ثَوْبه فَإِنَّهُ لمن يَده على العَبْد لَا لمن يَده على ثَوْبه بِخِلَاف الْعَكْس وَالله أعلم قَالَ
(وَمن حلف على فعل نَفسه حلف على قطع والبت وَمن حلف على فعل غَيره فَإِن كَانَ إِثْبَاتًا حلف على نفي الْعلم)
من حلف على فعل نَفسه حلف على الْقطع نفيا كَانَ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ أَو إِثْبَاتًا لاحاطته بِعلم حَاله وَإِن حلف على فعل غَيره فَإِن كَانَ على نفي حلف على نفي الْعلم إِذا لم يكن عَبده أَو بهيمته فَيَقُول وَالله مَا علمت أَنه فعل كَذَا لِأَنَّهُ لَا طَرِيق لَهُ إِلَى الْقطع بنفيه فَلم يُكَلف بِهِ كَمَا لَا يُكَلف الشَّاهِد بِالْقطعِ فِيمَا لَا يُمكن فِيهِ الْقطع فَلَو حلف على الْقطع اعْتد بِهِ قَالَه القَاضِي أَبُو الطّيب وَغَيره وَإِن كَانَ إِثْبَاتًا حلف على الْبَتّ لامكان الاحاطة قَالَ الرَّافِعِيّ هُنَا وكل مَا يحلف فِيهِ على الْبَتّ لَا يشْتَرط فِيهِ الْيَقِين بل يَكْفِي ظن مُؤَكد ينشأ من خطه أَو خطّ أَبِيه أَو نُكُول خَصمه وَقَالَ ابْن الصّباغ إِذا وجد بِخَط أَبِيه أَو أخبرهُ بِهِ عدل جَازَ أَن يحلف عَلَيْهِ إِن غلب على ظَنّه صدق ذَلِك وَإِن وجده بِخَط أَبِيه أَو أخبرهُ بِهِ عدل جَازَ أَن يحلف عَلَيْهِ إِن غلب على ظَنّه صدق ذَلِك وَإِن وجده بِخَط نَفسه لم يُطَالب بِهِ وَلم يحلف عَلَيْهِ حَتَّى يتيقنه لِأَنَّهُ فِي خطه يُمكنهُ التَّذَكُّر بِخِلَاف خطّ أَبِيه وَاقْتصر الرَّافِعِيّ على حكايته عَنهُ عَن الْأَصْحَاب فِي كتاب الْقَضَاء قلت وَكَلَام الْمَاوَرْدِيّ يُوَافق الْمَذْكُور هُنَا وَلَفظه إِذا رَآهُ فِي جَانب يغلب على ظَنّه صِحَّته أَو أخبرهُ بِهِ عدل فَيجوز أَن يدعى بِهِ وَهل لَهُ أَن يحلف إِذا ردَّتْ الْيَمين عَلَيْهِ أَو شهد لَهُ بِهِ شَاهد فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا نعم وَالله أعلم وَقَول الشَّيْخ إِن كَانَ نفيا حلف على نفي الْعلم كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وَغَيرهمَا وَيَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك فِي النَّفْي الْمُطلق أما نفي الْفِعْل الْمُقَيد بِزَمن فَيكون على الْبَتّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute